Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تعزيزُ الشّخصية الإسلامية بنجاح في رمضان وما بعده

 

(مترجم)

 

 

 

لقد أسعدنا شهر رمضان المبارك مجدداً ولله الحمد، فهو حقاً هبة من الله تعالى بكرمه اللامتناهي الذي يفتح لنا باب مغفرته. وهو أيضاً وقت مناسب للتفكير في السبل والوسائل التي يمكننا من خلالها، على مستوى واحد، العمل بشكل فردي، لتحقيق أنجح النتائج في هذا الشهر المبارك وما بعده، وفقاً لإسلامنا إن شاء الله.

 

في الأساس، عندما يكون لدينا فهم واضح لهدفنا الأسمى في الحياة، يمكن أن يتبعه النجاح مباشرةً لأننا ننفذ بوعي هذا الهدف الإلهي المحدد بدقة. لقد أوضح الله سبحانه وتعالى غاية وجودنا عندما قال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

 

لم تُستخدم كلمة العبادة في هذه الآية بمعنى الصلاة والصيام وغيرهما من الشعائر فقط حتى يفهم المرء أنّ الجن والإنس قد خُلقوا فقط لأداء الصلاة وصيام رمضان وحمد الله وتمجيده. على الرغم من أن هذا المعنى متضمن أيضاً فيها، إلا أنّ هذا ليس معناها الكامل.

 

معناها الكامل هو أن الجن والإنس لم يُخلقوا لعبادة وطاعة وتنفيذ أوامر أي أحد سوى الله سبحانه وتعالى. بالإضافة إلى ذلك، من المألوف جداً للمسلمين أن يفهموا المعنى اللغوي لكلمة الإسلام على أنه الاستسلام والطاعة والخضوع لله سبحانه وتعالى. في الواقع، هذا هو جوهر ما يعنيه أن تكون مسلماً. إن تسليم رغبات المرء لله سبحانه وتعالى هو أعلى أشكال العبادة. الاستسلام هو ما يطلبه الله سبحانه وتعالى منا وهو الشيء العاقل الطبيعي الذي يجب فعله والطريقة التي يمكن بها تحقيق ذلك بشكل طبيعي هي من خلال تطوير شخصيتنا الإسلامية الفريدة من خلال الحلقات المركزة. ولتطوير الشخصية الإسلامية، يجب بناء عقلية الشخص على العقيدة الإسلامية. وبالتالي، بالنسبة للمسلم، فإن ربه وخالقه هو الذي يحدد الخير والشر، والصواب والخطأ، والحسن والقبيح. وبالتالي، فإن هذه المفاهيم تشكل أيضاً مشاعر المسلم ورغباته، ما يؤدي إلى طريقة معينة للقيام بالأعمال، وهي القيام بالأعمال الصالحة، وفي النهاية اكتساب الشخصية الإسلامية. في الواقع، يخبرنا رسول الله ﷺ كيف ينبغي أن تكون عقلية المسلم وميوله. «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» (البخاري ومسلم).

 

بالإضافة إلى ذلك، يطلب الله سبحانه وتعالى من المؤمنين أن يثبتوا الثبات في أقوالهم وأفعالهم. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.

 

وهكذا نرى أن الله تعالى يحثنا ويأمرنا أن تكون لدينا شخصية إسلامية متماسكة، والحصول على شخصية إسلامية متماسكة يتطلب منا أن نجعل العقيدة الإسلامية هي أساس تفكيرنا. لذا، لا يمكن للشخصية الإسلامية أن تتطور إلا من خلال بنائها على العقيدة الإسلامية، أي اتخاذ القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم منهجاً للتفكير.

 

هذا يعني أنه قبل اتخاذ أي قرار بشأن أي موقف أو قضية، أو اتخاذ أي إجراء، ينبغي علينا:

 

1- فهم حقيقة الموقف بعمق.

2- البحث عن الأدلة الشرعية ذات الصلة بالقضية.

3- النظر إلى الأدلة الشرعية، القرآن والسنة، ككل.

4- تبني الحكم الشرعي المستنبط.

 

أول سمة من سمات تنمية العقلية الإسلامية هي الوعي الراسخ بعبودية الله، الذي ينمو بالرحمة والطاعة. يقول الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾.

 

وتأتي بعد ذلك الميزة الثانية وهي معرفة الحكم الشرعي قبل الإقدام على أي عمل. وقد ذكرنا الله سبحانه وتعالى بذلك عندما قال: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَان عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾.

 

أما الوجه الثالث لتنمية العقلية الإسلامية فهو النظر إلى نتيجة الأمر من منظور الآخرة. وهذا يعني أنه لا بد من الحكم على قدر ما يجوز وما لا يجوز. إن الله سبحانه أمرنا فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾.

 

أما النفسية الإسلامية فهي منهج إشباع غرائزها وحاجاتها العضوية، أي إشباعها وفق معيار يؤمن به الإنسان ويثق به. فإذا كان الإشباع مبنياً على العقيدة الإسلامية، كان صاحب نفسية إسلامية. لذا، فإن إشباع الغرائز والحاجات العضوية يجب أن يكون مبنياً على الإسلام. لذا، يجب على المسلم أن يسعى ليكون كما أراده الله تعالى، بالتقرب إليه تعالى بالفرائض التي فرضها، والحرص على النوافل ليزداد قرباً منه تعالى.

 

إن التأمّل في الحديث القدسي التالي سيساعد على إضاءة طريقنا بينما نعمل على تطوير شخصيتنا الإسلامية. «ابْن آدَمَ، لَنْ تُدْرِكَ مَا عِنْدِي إِلَّا بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكَ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَحَبَّبُ إِلَي بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَأَكُونَ قَلْبَهُ الَّذِي يَعْقِلُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، فَإِذَا دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإِذَا سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَرَنِي نَصَرْتُهُ، وَأحَبُّ عِبادةِ عَبْدي إِلَيَّ النَّصِيحَةُ» (رواه الطبراني في الكبير).

 

فيا أخواتي وإخواني، في رمضان، سارعوا إلى رضوان الله تعالى، ومغفرته، وجنته، والفوز برضاه في الدارين.

 

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ثريّا أمل يسنا

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.