Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

العمل الجماعي، واجب شرعي وطريق للفلاح

 

 

لما كان الإسلام غائباً عن واقع الحياة في موضع التطبيق والتنفيذ، ولما كانت المعاريف التي أمر بها الإسلام ليست قائمة اليوم بجعل أحكام الله هي المطبقة، وكذلك الحال في المنكرات التي ما زالت قائمة ومتمثلة بوجود المعاصي واستباحتها، وحتى لا يلحق بذلك، الإثم للمسلمين جميعا القاعدين عن العمل الجماعي الحزبي لعدم تحقق الكفاية بإقامة فروض الله وأحكامه بدلا عن حكم الجاهلية الذي نعيش تحت وطأته، أصبح لزاما على المسلمين أن يسلكوا الطريقة الشرعية لاستئناف الحياة الإسلامية، بتنصيب خليفة عليهم، وإعادة دولة الخلافة، وهذه الطريقة المستفادة من النصوص الشرعية، ومن سيرة الرسول ﷺ، توجب عليهم أن يتكتلوا لإعادة الخلافة، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

 

يأمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة المسلمين أمراً جازماً مقرونا بالفلاح، للدلالة على وجوب العمل الجماعي بأن تكون منهم أمة، أي جماعة (حزب) بمواصفات شرعية محددة، للقيام بعمل شرعي واجب وهو الدعوة إلى الخير أي الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل مكافأة هذا العمل هو الفلاح وهي الجنة، ما دل على فرضية ووجوب إيجاد هذه الجماعة التي تقوم بهذه الفروض والتي بالقيام بها يكتب لهذه الجماعة الفلاح.

 

لقد أشارت هذه الآية الكريمة لوجوب العمل الجماعي الحزبي، حيث إن التحزب في الآية مطلوب لذاته حيث إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على كل مسلم ولكن الآية تشير إلى وجوب العمل الجماعي لذلك إضافة إلى دور الفرد المسلم في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو الطريق الوحيد لإحداث أي تغيير في المجتمعات، فقدوتنا وأسوتنا محمد ﷺ كتل أصحابه وعلمهم الإسلام في بيت الأرقم بن أبي الأرقم فكانوا حزبا، أصحاب قضية وغاية يسعون لها، يقدمون في سبيلها الغالي والنفيس إلى أن أقام ﷺ مع أصحابه الدولة في المدينة والتي بها بدأ نور الإسلام يسطع ويزداد قوة وتمكينا، وهكذا اليوم من أراد أن يغير المجتمع عليه أن يعمل بشكل جماعي في إطار حزب ذي مبدأ يستحق أن يضحي لأجله بالغالي والنفيس إيمانا بأهمية عمله وغايته، خاصة مع اقتران الأمر بالفلاح المقصور على القائمين به دون سواهم، ولأنه ببساطة ليس بقدرة الفرد أن يغير المجتمع أو يقيم دولة أو تغيير منكر، بعكس العمل الجماعي فهو ما كان واجباً شرعياً وطريقاً عملياً موصلاً للتغيير عقلا وواقعا.

 

وعلى هذا الأساس قام حزب التحرير، استجابة لله تعالى، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وذلك بالعمل لإقامة دولة الإسلام التي تُقيم الإسلام كلَّه في الأرض كلِّها، وتنفي وجود المنكر فيها وتمنعه وتعاقب من يقوم به.

 

وقد تمثلت فكرة حزب التحرير في ثقافته الحزبية التي سطرها في الكتب والنشرات والمؤلفات التي أصدرها والتي جمعت وصهرت كل خلايا الحزب في بوتقة واحدة ذات صفات واحدة خاصة وأنهم يعملون للتغيير، فجعل الأساس الذي يقوم عليه ببناء ثقافته الحزبية هو الفكر، وهذا الفكر هو العقيدة الإسلامية بما ينبثق عنها من أحكام وأصول وما يُبنى عليها من تعريفات، فكانت العقيدة الإسلامية بمثابة القاعدة الفكرية للثقافة الحزبية، فتبنى حزب التحرير كل الأفكار التي انبثقت عن العقيدة الإسلامية أو بنيت عليها وتلزمه لتحقيق غايته ألا وهي استئناف الحياة الإسلامية.

 

فثقافة الحزب يمكن وصفها بأنها جملة من الحزم الفكرية التي تتضمن تصورا متكاملا عن الحياة الإسلامية وعن كيفية الصيرورة إليها في ظل نظام سياسي يجمع المسلمين هو نظام الخلافة، ولكي نتمكن من إلقاء نظرة استقرائية على ثقافة الحزب لا بد لنا من التفريق بين ثلاثة أمور:

 

1- الغاية التي يسعى الحزب إلى تحقيقها، ألا وهي استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة وذلك معلوم.

 

2- الغاية من العملية التثقيفية التي يقوم بها الحزب لشبابه، فهو لإيجاد شخصيات إسلامية متميزة قادرة على العمل بالإسلام وعلى حمله والدعوة إليه والتضحية والبذل من أجله.

 

3- القصد المرجو من تقديم الثقافة الحزبية إلى الأمة، وهو قصد سياسي صرف، أي أن الحزب يقدم ثقافته للأمة لتفهم الأمة أن مفردات هذه الثقافة هي ما يجب أن تُرعى الشؤون بمقتضاها.

 

إن حزب التحرير يعمل لتجسيد فكرته وفق طريقة واضحة ثابتة، وأعمال هادفة منتجة، نحو غاية محددة، لا يحيد عنها مهما لاقى من صعاب وعقبات. فالحزب مسؤول عن تغيير المجتمع وعن الأمة، فهو القوام عليها وعلى فكرها وحسها، وهو الذي يحاسب كل ذي سلطان لا يحكم بما أنزل الله، بل ويسعى إلى السلطان إن رأى لزوم ذلك، وما يتبناه الحزب من اجتهادات إنما هي بمثابة أحكام يسعى لرعاية شؤون الناس بحسبها، ويكافح من أجل ذلك ويناضل.

 

وفي الختام نقول إن حزب التحرير دائم المراجعة للأفكار والأحكام التي يقوم عليها العمل وذلك للمحافظة على نقائها وصفائها لدى أعضائه خاصة وأنهم يعملون للتغيير، كما أنه حريص ودقيق في تنزيل الأفكار والأحكام تنزيلاً سياسيا على وقائع الحياة والمجتمع لضمان تحقيق نتائج محسوسة وأهداف محددة.

 

فيا أيها المسلمون: إنَّنا ندعوكم إلى التكتل في حزب على أساس الإسلام، لإقامة الخلافة التي توحدكم على قلب رجل واحد، تبايعونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ليقودكم في ساحات الجهاد، كي يعود إليكم عزكم ومجدكم، ولكي تنالوا رضوان ربكم، وها هو حزب التحرير يقدم لكم مشروعه السياسي المبني في استنباطه على قوة الدليل الشرعي، فإلى العمل أيها الإخوة فمشروع الخلافة الراشدة يدق الأبواب ويناديكم أن هلم لبناء مجد أمتكم فتكونوا أسياد العالم من جديد فلا يفوتنكم شرف المشاركة في العمل على تحقيقه، ليتحقق وعد نبينا ﷺ فينا هذه الأيام «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رنا مصطفى

 

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.