- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح177) المحتسب هو القاضي الذي ينظر في كافة القضايا التي هي حقوق عامة
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّابِعَةِ والسَّبْعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "الـمُحْتَسِبُ هُوَ القَاضِي الَّذِي يَنْظُرُ فِي كَافَّةِ القَضَايَا الَّتِي هِيَ حُقُوقٌ عَامَّةٌ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّانَيِةَ عَشْرَةَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 84: المُحْتَسِبُ هُوَ القَاضِي الَّذِي يَنْظُرُ فِي كَافَّةِ القَضَايَا الَّتِي هِيَ حُقُوقٌ عَامَّةٌ, وَلَا يُوجَدُ فِيهَا مُدَّعٍ، عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ دَاخِلَةً فِي الحُدُودِ وَالجِنَايَاتِ.
المادة 85: يَملِكُ المُحْتَسِبُ الحُكْمَ فِي المُخَالَفَةِ فَورَ العِلْمِ بِهَا فِي أَيَّ مَكَانٍ دُونَ حَاجَةٍ لِمَجْلِسِ قَضَاءٍ، وَيُجْعَلْ تَحْتَ يَدِهِ عَدَدٌ مِنَ الشُّرطَةِ لِتَنفِيذِ أَوَامِرِهِ, وَيُنَفَّذْ حُكْمُهُ فِي الحَالِ.
المادة 86: لِلْمُحْتَسِبِ الحَقُّ فِي أَنْ يَخْتَارَ نُوَّاباً عَنهُ تَتَوَفَّرُ فِيهِمْ شُرُوطُ المُحْتَسِبِ، يُوَزِّعُهُمْ فِي الجِهَاتِ المُخْتَلِفَةِ، وَتَكُونُ لِهَؤُلَاءِ النُّوَّابِ صَلَاحِيَّةُ القِيَامِ بِوَظِيفَةِ الحِسْبَةِ فِي المِنْطَقَةَ أَوِ المَحِلَّةِ الَّتِي عُيِّنَتْ لَهُمْ فِي القَضَايَا الَّتِي فُوِّضُوا فِيهَا.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ المَوَادُّ: الرَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ, وَالخَامِسَةُ وَالثَّمَانُونَ, والسَّادِسَةُ والثَّمَانُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَوَادِّ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولا: المادة 84: هَذِهِ المَادَّةُ تَعرِيفٌ لِقَاضِي الحِسْبَةِ، وَهُوَ تَعرِيفٌ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ صُبْرَةِ الطَّعَامِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ r وَجَدَ بَلَلًا فِي صُبْرَةِ الطَّعَامِ فَأَمَرَ بِجَعْلِهِ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، فَهَذَا حَقٌّ عَامٌّ لِلنَّاسِ نَظَرَ فِيهِ الرَّسُولُ r، وَقَضَى فِيهِ بِجِعْلِ الطَّعَامِ المَبلُولِ عَلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ لإِزَالَةِ الغِشِّ. وَهَذَا يَشْمَلُ جَمِيعَ الحُقُوقَ الَّتِي مِنْ هَذَا النَّوعِ، وَلَا يَشْمَلُ الحُدُودَ وَالجِنَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ مِنْ هَذَا القَبِيلِ، وَلأَنَّهَا خُصُومَاتٌ بَينَ النَّاسِ فِي الأَصْلِ.
ثانيا: المادة 85: هَذِهِ المَادَّةُ تُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَجْلِسِ قَضَاءٍ حَتَّى يَنْظُرَ المُحْتَسِبُ فِي الدَّعْوَى، بَلْ يَحْكُمُ فِي المُخَالَفَةِ بِمُجَرَّدِ التَّحَقُّقِ مِنْ حُدُوثِهَا، وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي أَيِّ مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ: فِي السُّوقِ، وَفِي البَيتِ، وَعَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَفِي السَّيَّارَةِ، فِي اللَّيلِ أَوِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ شَرْطُ مَجْلِسِ القَضَاءِ لِلنَّظَرِ فِي القَضِيَّةِ لَا يَنطَبِقُ عَلَى المُحْتَسِبِ، لِأَنَّ الحَدِيثَ، الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيرِ، وَالَّذِي ثَبَتَ فِيهِ اشْتِرَاطُ المَجْلِسِ فِي القَضَاءِ يَقُولُ: «إِنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ» وَيَقُولُ r: «إِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَهَذَا غَيرُ مَوجُودٍ فِي قَاضِي الحِسْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيهِ، بَلْ يُوجَدُ حَقُّ عَامٌّ اعْتُدِيَ عَلَيهِ، أَوْ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرعِ. وَأَيضاً فَإِنَّ الرَّسُولَ r حِينَ نَظَرَ فِي أَمْرِ صُبْرَة الطَّعَامِ نَظَرَ فِيهَا وَهُوَ سَائِرٌ فِي السُّوقِ، وَكَانَتْ مَعرُوضَةً لِلبَيعِ، وَلَمْ يَسْتَدْعِ صَاحِبَ الصُّبْرَةِ عِندَهُ إِلَى مَجلِسٍ خَاصٍّ، بَلْ بِمُجَرَّدِ أَنْ رَأَى المُخَالَفَةَ نَظَرَ فِيهَا فِي مَكَانِهَا، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشتَرَطُ مَجلِسُ القَضَاءِ فِي قَضَايَا الحِسْبَةِ.
ثالثا: المادة 86: هَذِهِ المَادَّةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إِذَا كَانَ تَعيِينُ المُحْتَسِبِ قَدْ اشْتَمَلَ عَلَى إِعطَائِهِ حَقَّ تَعيِينِ نُوَّابٍ عَنهُ، أَيْ حَقَّ الاستِخْلَافِ عَنهُ، إِذَا كَانَ تَعْيِينُهُ مِنَ الخَلِيفَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ تَعْيِينُهُ مِنْ قَاضِي القُضَاةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ عَلَاوَةً عَلَيهِ أَنْ يَكُونَ تَقلِيدُ قَاضِي القُضَاةِ قَدِ اشتَمَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ مِنَ القُضَاةِ حَقَّ تَعْيِينِ مَنْ يَنُوبُ عَنهُ، أَيْ حَقَّ الاسْتِخْلَافِ عَنهُ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَمِلْ تَعْيِينُ قَاضِي القُضَاةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَيسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ حَقَّ تَعْيِينِ مَنْ يَنُوبُ عَنهُ، أَي حَقَّ الاستِخْلَافِ. وَبِالتَّالِي لَا يَكُونُ لِلمُحْتَسِبِ حَقُّ تَعْيِينِ نُوَّابٍ عَنهُ أَيْ حَقُّ الاستِخْلَافِ. فَحَقُّ الاستِخْلَافِ عَنِ القَاضِي، سَوَاءٌ أَكَانَ المُحْتَسِبُ أَمِ القَاضِي أَمْ قَاضِي المَظَالِمِ، لَا يَـمْلِكُهُ القَاضِي إِلَّا إِذَا جَعَلَ لَهُ الخَلِيفَةُ ذَلِكَ، أَوْ جَعَلَ لِوَالِي القَضَاءِ أَيْ قَاضِي القُضَاةِ حَقَّ تَعْيِينِ القُضَاةِ، وَحَقَّ أَنْ يَجْعَلْ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ مِنَ القُضَاةِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ، أَيْ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَنُوبُ عَنهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ القَاضِي قَدْ قُلِّدَ القَضَاءَ، أَيْ قَضَاءً مُعَيَّناً وَهُوَ قَضَاءُ الحِسْبَةِ، فَإِذَا لَمْ يُجْعَلْ لَهُ حَقُّ الاستِخلَافِ، أَيْ حَقُّ تَعيِينِ نَائِبٍ عَنهُ، فَلَا يَمْلِكُ صَلَاحِيَّةَ التَّعْيِينِ، وَكَذَلِكَ القَاضِي، وَقَاضِي المَظَالِـمِ، كُلُّهُمْ سَوَاءٌ. فَكُلٌّ مِنهُمْ قَدْ عُيِّنَ لِلقَضَاءِ فِيمَا جَرَى نَصُّ التَّعيِينِ عَلَيهِ، فَلَا يَمْلِكُ غَيرَهُ، أَيْ لَا يَملِكُ حَقَّ تَعيِينِ قُضَاةٍ، إِلَّا إِذَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي عَقْدِ التَّقلِيدِ؛ وَلِهَذَا لَا يَملِكُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَنُوبُ عَنهُ لِلْقِيَامِ بِأَعْمَالِ المُحْتَسِبِ إِلَّا إِذَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي أَمْرِ تَعْيِينِهِ. وَمِثْلُهُ قَاضِي القُضَاةِ.
أَمَّا جَوَازُ أَنْ يُعَيِّنَ القَاضِي مَنْ يَنُوبُ عَنهُ؛ فَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّسُولَ r عُرِضَتْ عَلَيهِ قَضِيَّةٌ، فَعَيَّنَ مَنْ يَنُوبُ عَنهُ، فَفِي حَادِثَةِ الأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَاءَ لِلرَّسُولِ r وَأَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَهُ كَانَ خَادِماً عَلَى رَجُـٍل عَيَّنَهُ فَـزَنَى بِامرَأَتِهِ وَطَلَـبَ الحُكْمَ، فَإِنَّ الرَّسُـولَ r قَالَ فِي هَذِهِ الحَادِثَةِ: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ - رَجُلٌ مِنَ أَسْلَمَ - إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْـتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ وَزَيدِ بْنِ خَالِدٍ)، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ نَائِباً عَنهُ يَقْضِي فِي أَمْرٍ يُعَيِّنُهُ لَهُ، وَكَذَلِكَ لِلمُحْتَسِبِ فَهُوَ قَاضٍ، إِلَّا أَنَّهُ يُشتَرَطُ أَنْ يَجْعَلَ القَاضِي لِنَائِبِهِ القَضَاءَ كَامِلاً، أَيْ النَّظَرَ فِي الدَّعْوَى وَالحُكْمِ حَتَّى يَصِحَّ تَعيِينُهُ، لِأَنَّ القَضَاءَ إِخْبَارٌ بِالحُكْمِ عَلَى سَبِيلِ الإِلزَامِ، وَهُوَ بِهَذَا المَعْنَى لَا يَتَجَزَّأُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعَيِّنَهُ فِي النَّظَرِ وَيَتْرُكَ الحُكْمَ، بَلْ يُعَيِّنُهُ تَعْيِيناً كَامِلاً حَتَّى يَكُونَ قَاضِياً وَيَصِحَّ قَضَاؤُهُ، وَحَتَّى لَوْ لَم يَحْكُمْ بِالفِعْلِ صَحَّ عَمَلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الحُكْمُ مِنْ قِبَلِهِ، إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَنظُرَ قَاضٍ فِي قَضِيَّةٍ وَلَا يُتِمَّهَا، وَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ يُعْزَلُ وَيَنظُر فِي القَضِيَّةِ قَاضٍ غَيرُهُ وَيَحْكُمُ بِهَا، وَكَذَلِكَ نَائِبُ القَاضِي لَا يُشتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَحْكُمَ، وَلَكِنْ يُشتَرَطُ فِي تَعيِينِهِ أَنْ يُعطَى صَلَاحِيَّةَ النَّظَرِ وَالحُكْمِ، أَيْ أَنْ يُعَيَّنَ قَاضِياً بِجَمِيعِ صَلَاحِيَّاتِ القَاضِي فِيمَا عُيِّنَ فِيهِ. وَكَذَلِكَ المُحتَسِبُ، يُعَيِّنُ نُوَّاباً عَنهُ لَهُمْ صَلَاحِيَّاتُ النَّظَرِ وَالحُكْمِ فِي الحَادِثَةِ الَّتِي يُعَيِّنُهُمْ لَهَا، أَوْ فِي المَكَانِ الَّذِي يُعَيِّنُهُمْ لَهُ، إِذَا كَانَ تَعيِينُهُ قَدْ جُعِلَ لَهُ فِيهِ حَقُ الاستِخْلَافِ. وَيُشتَرَطُ فِيمَنْ يُعَيِّنُهُ نَائِباً عَنهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِماً، حُرّاً، عَدْلاً، بَالِغاً، فَقِيهاً فِيمَا يَرَاهُ مِنْ قَضَايَا، أَيْ يُشتَرَطُ فِيمَنْ يُنِيبُهُ المُحْتَسِبُ مَا يُشتَرَطُ فِي المُحْتَسِبِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ مِثلُهُ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.