- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح259) الهجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر، وبالعكس
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ التَّاسِعَةِ وَالخَمْسِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "الهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الكُفْرِ وَبِالعَكْسِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: الرَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ، وَالخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 189: عَلَاقَةُ الدَّولَةِ بِغَيرِهَا مِنَ الدُّوَلِ القَائِمَةِ فِي العَالَمِ تَقُومُ عَلَى اعتِبَارَاتٍ أَربَعَةٍ:
أحدها: الدُّوَلُ القَائِمَةُ فِي العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ تُعتَبَرُ كَأَنَّهَا قَائِمَةٌ فِي بِلَادٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا تَدخُلُ ضِمْنَ العَلَاقَاتِ الخَارِجِيَّةِ، وَلَا تُعْتَبَرُ العَلَاقَاتُ مَعَهَا مِنَ السِّيَاسَةِ الخَارِجِيَّةِ، وَيَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ لِتَوحِيدِهَا كُلِّهَا فِي دَولَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَذِهِ هِيَ الْمَادَّةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
التتمة الأولى للبند الأول من المادة 189:
ثانياً: وَمَنْ كَانَ قَادِراً عَلَى الهِجْرَةِ، وَلَكِنَّهُ يَستَطِيعُ إِظْهَارَ دِينِهِ فِي بَلَدِهِ، وَالقِيَامَ بِأَحْكَامِ الشَّرعِ المَطلُوبَةِ مِنهُ، فَإِنَّ الهِجْرَةَ فِي هَذِهِ الحَالِ مَندُوبَةٌ، وَلَيسَتْ فَرضاً... وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرغِّبُ فِي الهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ الفَتْحِ حَيثُ كَانَتْ (دَارَ كُفْر)، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَمِنْهَا قَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (البقرة 218) وَقَولُهُ سُبْحَانَهُ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ). (التوبة 20) وَهَذَا كُلُّهُ صَرِيحٌ فِي طَلَبِ الهِجْرَةِ. وَأَمَّا كَونُهَا لَيسَتْ فَرْضاً فَلِأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقَرَّ مَنْ بَقِيَ فِي مَكَّةَ مِنَ المُسلِمِينَ. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ نُعَيمَ النَّحَّامَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجرَ جَاءَهُ قَومُهُ بَنُو عَدِيٍّ فَقَالُوا لَهُ: أَقِمْ عِندَنَا وَأَنْتَ عَلَى دِينِكَ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ عَمَّنْ يُرِيدُ أَذَاكَ، وَاكْفِنَا مَا كُنْتَ تَكْفِينَا. وَكَانَ يَقُومُ بِيَتَامَى بَنِي عَدِيٍّ وَأَرَامِلِهِمْ، فَتَخَلَّفَ عَنِ الهِجْرَةِ مُدَّةً، ثُمَّ هَاجَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَوْمُكَ كَانُوا خَيْراً لَكَ مِنْ قَوْمِي لِي، قَوْمِي أَخْرَجُونِي وَأَرَادُوا قَتْلِي، وَقَوْمُكَ حَفِظُوكَ وَمَنَعُوكَ» ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَر فِي الإِصَابَةِ.
ثالثاً: أَمَّا الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ عَلَيهَا، فَإِنَّ اللهَ عَفَا عَنهُ، وَهُوَ غَيرُ مُطَالَبٍ بِهَا، وَذَلِكَ لِعَجْزِهِ عَنِ الهِجْرَةِ، إِمَّا لِمَرَضٍ أَو إِكْرَاهٍ عَلَى الإِقَامَةِ، وَإِمَّا لِضَعْفٍ كَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ وَشِبْهِهِمْ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَولُهَ تَعَالَى: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا). (النساء 98)
رابعاً: وَأَمَّا الَّذِي يَستَطِيعُ إِظْهَارَ دِينِهِ فِي بَلَدِهِ وَالقِيَامَ بِأَحْكَامِ الشَّرعِ المَطْلُوبَةِ، وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ يَملِكُ القُدْرَةَ عَلَى تَحوِيلِ (دَارِ الكُفْرِ) الَّتِي يَسكُنُهَا إِلَى (دَارِ إِسْلَامٍ)، فَإِنَّهُ يَحرُمُ عَلَيهِ فِي هَذِهِ الحَالَةِ أَنْ يُهَاجرَ مِنْ (دَارِ الكُفْرِ) إِلَى (دَارِ الإِسْلَامِ)، سَوَاءٌ أَكَانَ يَملِكُ القُدْرَةَ بِذَاتِهِ أَمْ بِتَكَتُّلِهِ مَعَ المُسلِمِينَ الَّذِينَ فِي بِلَادِهِ، أَمْ بِالاستِعَانَةِ بِمُسلِمِينَ مِنْ خَارِجِ بِلَادِهِ، أَمْ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الدَّولَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، أَمْ بِأَيَّةِ وَسِيلَةٍ مَشرُوعَةٍ مِنَ الوَسَائِلِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيهِ أَنْ يَعْمَلَ لِجَعْلِ (دَارِ الكُفْرِ) (دَارَ إِسْلَامٍ)، وَتَحرُمُ عَلَيهِ حِينَئِذٍ الهِجْرَةُ مِنْهَا، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ العَمَلَ لِضَمِّ بَلَدِهِ إِلَى (دَارِ الإِسلَامِ) هُوَ فَرْضٌ وَأَيَّ فَرْضٍ، فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ، فَتَرَكَ العَمَلَ لِلضَّمِّ، وَهَاجَرَ، فَقَدْ أَثِمَ كَتَرْكِ أَيِّ فَرْضٍ.
وَعَلَيهِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَتْ هُنَاكَ (دَارُ إِسْلَامٍ)، فَإِنَّ الاستِيطَانَ فِي (دَارِ الكُفْرِ) لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيهِ الهِجْرَةُ هُوَ حَرَامٌ. وَفَوقَ ذَلِكَ فَإِنَّ الاستِيطَانَ فِي (دَارِ الكُفْرِ) يَجْعَلُ المُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ (دَارِ الكُفْرِ)، فَتُطَبَّقَ عَلَيهِ أَحْكَامُ (دَارِ الكُفْرِ) مِنْ حَيثُ العَلَاقَاتُ بِالدَّولَةِ الإِسلَامِيَّةِ، وَمِنْ حَيثُ العَلَاقَاتُ بِغَيرِه ِمِنَ الأَفرَادِ. فَلَا يُقَامُ عَلَيهِ الحَدُّ، وَلَا تُستَوفَى مِنهُ الزَّكَاةُ، وَلَا يَرِثُ غَيرَهُ مِمَّنْ هُوَ فِي (دَارِ الإِسلَامِ)، وَلَا تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي (دَارِ الإِسْلَامِ) مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيهِ لَهُ لَوْ كَانَ فِي (دَارِ الإِسْلَامِ)، لِأَنَّ أَهْلَ (دَارِ الكُفْرِ) لَا تُطَبَّقُ عَلَيهِمْ أَحْكَامُ الشَّرعِ، فَلَيسَ لَهُمْ مَا لِلمُسْلِمِينَ، وَلَيسَ عَلَيهِمْ مَا عَلَى المُسْلِمِينَ فَلَا تَشْمَلُهُمُ الأَحْكَامُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ أَنَّ المُسْلِمِينَ لَا يَطْلُبُونَ مِمَّنْ فِي (دَارِ الكُفْرِ) الإِسْلَامَ فَحَسْب، بَلْ كَذَلِكَ أَنْ يَدْخُلُوا تَحْتَ سُلْطَانِ الإِسْلَامِ. فَقَدْ رَوَى سُلَيمَانُ بْنُ بُرَيدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيراً عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْراً، ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ أَوْ خِلالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ...» (رَوَاهُ مُسْلِم) فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ».(رَوَاهُ مُسْلِم)
فَهَذَا نَصٌّ يَشْتَرِطُ التَّحَوُّلَ؛ لِيَكُونَ لَهُمْ مَا لَنَا، وَعَلَيهِمْ مَا عَلَينَا، أَيْ لِتَشْمَلَهُمُ الأَحْكَامُ. فَإِنَّ قَولَهُ: «وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ» مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فَلَيسَ لَهُمْ مَا لِلمُهَاجرِينَ، وَلَيسَ عَلَيهِمْ مَا عَلَى المُهَاجرِينِ. لِأَنَّ حُصُولَ الجَزَاءِ مُعَلَّقٌ عَلَى حُصُولِ الشَّرطِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلِ الشَّرطُ لَا يَحْصُلِ الجَزَاءُ. فَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا لِلمُسلِمِينَ فِي (دَارِ الإِسلَامِ). ثُمَّ إِنَّ قَولَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ». هَذَا مَنِ نَاحِيَةِ عَدَمِ قَتْلِهِمْ، وَعَدَمِ أَخذِ أَمْوَالِهِمْ غَنَائِمَ، لَا مِنْ نَاحِيَةِ الأَحْكَامِ. إِذْ إِنَّ مَوضُوعَ الأَحْكَامِ الشَّرْطُ السَّابِقُ صَرِيحٌ فِيهَا.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.