Logo
طباعة
سوريا بين معضلة الثورات الداخلية وتربص يهود

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

سوريا بين معضلة الثورات الداخلية وتربص يهود

 

 

الخبر:

 

تحركت مجموعة من الطائفة الدرزية في السويداء في مواجهة حكومة سوريا التي تشكلت بعد فرار بشار الأسد ودخول الثوار إلى دمشق. وفي الوقت ذاته قام كيان يهود بتوجيه ضربات قاسية لدمشق في محاولة دعم الحركة الطائفية في السويداء.

 

التعليق:

 

منذ أن تمكنت ثورة الأعوام الثلاثة عشر، من الوصول إلى دمشق وتشكيل أول حكومة لها بعد فرار بشار، وأعمال الشغب لم تهدأ للحيلولة دون استقرار سوريا، ولم تكن هذه الأفعال الإجرامية بعيدة عن تفكير وتخطيط كيان يهود. وكان أكثر تدخل له وضوحا في أحداث السويداء الأخيرة حيث وجه ضربات قاسية لوسط دمشق مستهدفة وزارة الدفاع وهيئة الأركان وقصر الشعب. ومن قبلها لم يكن بعيدا عن أحداث اللاذقية والساحل السوري حيث تقطن أكثرية الطائفة العلوية. ومثل ذلك ما يتعلق بحركة قسد الكردية والتي لم تهدأ حتى الآن إلا ما يشبه الهدوء قبل العاصفة.

 

وبالرغم من الحديث المستمر عن استقرار الشرق الأوسط الجيو-سياسي، الذي تسعى إليه أمريكا، وتتشدق به دولة يهود، إلا أن هذ الاستقرار يسبقه أنواع كثيرة من الاضطرابات والحروب والدمار الممنهج كما هو حاصل في غزة والضفة، وفي إيران. فسوريا وبالرغم مما أصابها من ضيم وظلم وتعرضها لحروب ومؤامرات، إلا أنها تملك من القدرة والطاقة على النهوض والتقدم بشكل سريع لتسنم مركزها الذي يليق بها وبتاريخ الشام قلب بلاد المسلمين. واليوم وبعد ثلاثة عشر عاما من الثورة والاضطراب والقتل والتشريد، وجد أعداء الأمة يهود ومن ورائهم أمريكا وأوروبا، ضالتهم في هشاشة الوضع في سوريا، فاستغلوا هذا الظرف لإثارة الفتن والدعوة للتقسيم والشرذمة، بحيث تصبح سوريا مجموعة من الكنتونات الطائفية والعرقية مقسمة بين الدروز والعلويين والأكراد، وما يتبقى ليس فيه قوة الدفع الذاتي، بل كيان غير قادر على الحركة محاط من جميع جوانبه بكيانات يصنعها الأعداء عيونا لهم، من الشمال الشرقي إلى الساحل الغربي، والجنوب الشرقي. وسواء أكانت هذه كيانات مستقلة تشكل دويلات كما كان الحال مع لبنان، أو كينونات مجتمعة في اتحاد فيدرالي كما هو الحال في العراق مع الشمال الكردي، فأيا كان شكل التقسيم فهو وبال على وبال، وضغث على إبالة.

 

والواجب اليوم على نظام الحكم في سوريا أن ينفض يديه من ألاعيب أمريكا وتركيا. فهؤلاء لا يختلفون في نظرتهم الحاقدة على الشام والتي لم تفارقهم منذ الدولة الأموية وطوال عهد الخلافة. فأمريكا لا يهمها تقسيم سوريا إلى دويلات أو كيانات، وتركيا لن تهتز لها خاصرة، ما دامت أمريكا تعدها بدور في الشرق الأوسط الجديد.

 

أما حكام سوريا اليوم، فلا يزال يسيطر عليهم رعب السنين الماضية، والأمل في تفادي غضب اللاعبين الكبار، والوهم في أن السير في ركاب أمريكا وتركيا سينجيهم من الكوارث السياسية والعسكرية. ولم يدركوا أن ما أصابهم خلال 14 عاما لم يكن إلا من صنع أمريكا وتواطؤ تركيا وتمويل دول عربية كثيرة، وإجرام كيان يهود. فأنى لهؤلاء أن يكونوا اليوم أنصارا وعونا لوحدة سوريا والتي منها قد تنبثق وحدة الأمة كلها؟!

 

إن شبح التقسيم اليوم يطارد كثيرا من بلاد المسلمين سواء في سوريا، أو العراق، أو السودان أو ليبيا، وحتى في باكستان. وهو ليس مجرد رغبة عند أمريكا ويهود، بل مكر الليل والنهار، وخطط لا تنقطع، وأعمال لا تكل. ولن تهدأ هذه الأعمال ولن يحيق هذا المكر بأهله إلا إذا رجع أهل هذه البلاد وباقي بلدان المسلمين، إلى عقيدتهم وما ينبثق عنها من أنظمة وأحكام، وما تحويه من أمن ذاتي وحماية مطلقة، ليردوا كيد أمريكا وعملائها وأتباعها وحلفائها في نحورهم. والله ناصر من اتبع دينه وأوامره، وهو القاهر فوق عباده.

 

﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جيلاني

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.