- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحرب في السودان وتنفيذ مخطط التآكل البطيء
الخبر:
في تقرير لسودان تريبيون بتاريخ الأربعاء 2025/6/18م بعنوان: "حرب الصحراء والحدود تُشعل السودان وتثير مخاوف التدخل الخارجي"، جاء فيه: "مثلت سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة جبل عوينات والمثلث الحدودي الاستراتيجي بين السودان ومصر وليبيا، توجهاً مختلفاً من حيث التمركز وتأمين الإمدادات".
التعليق:
لقد أكملت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شهرها الثالث من عامها الثالث دون أن تحسم لأي طرف، بل الواضح أن الطرفين يتباريان في الاستيلاء على مناطق جديدة والانسحاب من أخرى بشكل مريب لافت للنظر، كما هو حال انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم ثم الاستيلاء على مدينة النهود وعدد من مدن غرب كردفان، وانسحاب الجيش منها ومن عدد من المدن والولايات آخرها المثلث الحدودي الاستراتيجي بين السودان ومصر وليبيا.
لكن هناك سؤال ظل عالقاً في أذهان أهل السودان: لماذا لا تريد قيادات الجيش حسم هذه المعركة؟! وما علاقة ذلك بحروب الجيل الرابع أو الخامس؟!
لقد أصبح واضحا لكل متابع أن لهذه الحرب أجندة خاصة تكشفها الانسحابات المريبة وعدم فك اللجام الذي طالب به أفراد الجيش مرارا وتكرارا، إلا أنه لم يجد آذانا صاغية من القيادات المرتبطة بأمريكا على وجه الخصوص.
ذلك أن الحرب تستهدف خطة أمريكية قذرة لضرب النفوذ البريطاني المتمثل في القوى المدنية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، ومن ثم مشروع تقسيم السودان الذي يجري في دارفور على قدم وساق، أفشل الله مخططهم وخيب فألهم. وكل هذا الذي يحدث يفسر إطالة أمد الحرب بالرغم من عدم وجود أسباب مقنعة لاشتعالها، أو استمرارها بشتى الوسائل والأساليب. لكن عبَّر البروفيسور ماكس مانوارينج، خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية، عبر عن ذلك في المحاضرة المنتشرة على اليوتيوب التي دُعي لها كبار الضباط من حلف الناتو، وجيش يهود عام 2018م.
حيث تكشف تلك المحاضرة ما يجري في السودان من صراع بين المدنيين والعسكريين، ومن احتراب بين الجيش وقوات الدعم السريع.
استهل البروفيسور ماكس محاضرته بالقول إن "أسلوب الحروب التقليدية صار قديماً، والجديد هو الجيل الرابع من الحرب"!!
وقال حرفياً: "ليس الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الأمم، أو تدمير قدرتها العسكرية، بل الهدف هو الإنهاك والتآكل البطيء، لكن بثبات. فهدفنا هو إرغام العدو على الخضوع لإرادتنا"! ويضيف: "الهدف زعزعة الاستقرار"، "وهذه الزعزعة ينفذها مواطنون من الدولة العدو لخلق الدولة الفاشلة.. وهنا نستطيع التحكم.. وهذه العملية تنفذ بخطوات.. ببطء وهدوء وباستخدام مواطني دولة العدو، فسوف يستيقظ عدوك ميتاً..."!
وأكثر ما يلفت الانتباه في هذه المحاضرة هو عبارة: "الإنهاك، والتآكل البطيء". والتآكل البطيء يعني بث الخراب والفوضى في المدن، وتحويل الناس إلى قطعان هائمة، وشل قدرة البلد العدو عن تلبية الحاجات الأساسية.. حيث يقول "في مثل هذا النوع من الحروب قد تشاهدون أطفالا قتلى أو كبار السن، فلا تنزعجوا"!
ويقول: "إن استراتيجية الإنهاك تعني نقل الحرب من جبهة إلى أخرى، ومن أرض إلى أخرى، واستنزاف كل قدرات الدولة العدو على مراحل متباعدة، وجعل "الدولة العدو" تقاتل على جبهات متعددة محاصرة بضباع محليين من كل الجهات، والتخطيط لتسخين جبهة وتهدئة جبهة أخرى، أي استمرار إدارة الأزمة وليس حلها" انتهى الاقتباس.
وهذا الذي يحدث الآن في حرب السودان؛ فهناك ضباع وثعالب وثعابين تدير الحرب ولا تريد لهذه الحرب أن تنتهي حتى تحقق أجندتها الأمريكية؛ إذ ينفذ ذلك عملاء أمريكا من قيادات القوى المسلحة في الجيش وقوات الدعم السريع.
ولن يتوقف هذا النزف للبلاد إلا أن يعي أهل السودان على هذا المخطط الإجرامي الكارثي والأخذ على أيدي هؤلاء العملاء وقطع نفوذ أمريكا وغيرها من الدول الاستعمارية، ولا يكون ذلك إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وهذا واجب القيادات المخلصة في الجيش في السودان؛ أن تضرب بيد من حديد على العملاء وتعطي النصرة للمخلصين من أبناء الأمة لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ففيها المخرج والخلاص. عن العرباض بن سارية عن النبي ﷺ قال: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» أخرجه أبو داود، وأحمد.
ولا بد أن يعلم أن إقامة الخلافة واجب، وآثم من تأخر عن إقامتها. عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما عنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» أخرجه مسلم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد جامع (أبو أيمن)
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان