Logo
طباعة
الغرب ممزق بين أحزاب اليسار واليمين بحثاً عن الخلاص من الرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الغرب ممزق بين أحزاب اليسار واليمين بحثاً عن الخلاص من الرأسمالية

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة، 25 نيسان/أبريل، بأنه لا يوجد "موعد نهائي للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، لكنه يريد إنجازه في أقرب وقت ممكن". (المصدر)

 

التعليق:

 

منذ نهاية كانون الثاني/يناير 2025، يراقب العالم أجمع الرئيس الأمريكي المنتخب حديثاً، الذي وصل إلى السلطة بفضل شعارات يمينية مشبعة بالشعبوية، وهو يحاول تطبيق وعوده الانتخابية.

 

أحدثت أفعاله المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى حروب التعريفات الجمركية مع دول أخرى، ضجة إعلامية عارمة.

 

وهكذا، تطور وعده الانتخابي بإنهاء الحرب في أوكرانيا "خلال 24 ساعة" تدريجياً إلى "خلال بضعة أشهر"، ثم "قبل عيد الفصح"، ثم "قبل المائة يوم الأولى من حكمه"، واليوم، يُعلن أنه "لا يوجد موعد نهائي" للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا!

 

تجدر الإشارة إلى أن تصريح ترامب الجديد يتناقض مع تصريحات سابقة لوزير خارجيته ماركو روبيو، الذي حذّر من أن أمريكا ستوقف جهود السلام "خلال أيام" إذا لم يُحرز تقدم يُذكر. تجدر الإشارة أيضاً إلى الإذلال العلني الذي تعرض له ترامب في مكتبه البيضاوي في 28 شباط/فبراير 2025، عندما أدت تصرفات فريقه الخرقاء وغير الدبلوماسية إلى صراع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

 

وإذا تحدثنا عن حروب التعريفات الجمركية التي بدأها ترامب بعد توليه منصبه، فهي مليئة بالتناقضات أيضاً.

 

دعونا نذكر تفاصيل حرب التعريفات الجمركية مع الصين. ففي 1 شباط/فبراير 2025، فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع السلع الصينية. ردت الصين بتعريفات جمركية تراوحت بين 10% و15%. وفي 2 نيسان/أبريل 2025، فيما يُسمى "يوم التحرير"، أعلن ترامب عن فرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10% على الواردات من جميع الدول. بالإضافة إلى ذلك، فُرضت تعريفات جمركية متبادلة تصل إلى 54% على السلع من الصين ودول أخرى، ودخلت حيز التنفيذ في 9 نيسان/أبريل. وفي 9 نيسان/أبريل 2025، زادت الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على السلع الصينية إلى 145%. وردت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة 84% على الواردات الأمريكية، ثم رفعتها إلى 125%، بدءاً من 12 نيسان/أبريل.

 

يشير الخبراء إلى أن الصين في وضع أفضل في هذا الصراع نظراً لاعتماد الولايات المتحدة على السلع الصينية والمعادن النادرة، وقلة دعم حلفائها في الحرب التجارية، وتراجع الضغوط السياسية الداخلية على القيادة الصينية مقارنةً بإدارة ترامب.

 

ولم يطل هذا التأثير طويلاً: ففي النصف الثاني من نيسان/أبريل 2025، بدأت إدارة ترامب في دراسة تخفيف سياسات الرسوم الجمركية وسط ضغوط من شركات التكنولوجيا الأمريكية. وبحلول 22-24 نيسان/أبريل 2025، أُعلن أن الإلكترونيات الاستهلاكية، بما في ذلك الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية ومعدات الشبكات، ستُستبعد مؤقتاً من قائمة السلع الخاضعة لزيادة الرسوم. وقد احتفظت هذه السلع برسومها الجمركية المنخفضة السابقة أو حصلت على معدلات مخفضة إلى 5-10% بدلاً من 54-145%.

 

في ضوء ما سبق، يُقارن ترامب بشكل متزايد بثور في متجر صيني، حيث كل فعل منه يزيد من تفاقم وضعه فعلى الرغم من أنه هو وفريقه لديهم خطة ما لإصلاح السياسة الأمريكية الراسخة على الصعيدين المحلي والدولي، إلا أن هذه الخطة تبدو بدائية بشكل واضح وتفتقر إلى التفاصيل.

 

أود هنا أن أشير إلى أن ما يحدث اليوم في أمريكا هو مظهر من مظاهر المواجهة بين القوى السياسية اليسارية واليمينية. وقد شهدت الحياة السياسية الأوروبية مواجهة مماثلة لأكثر من عقد. وقد أبرز صعود ترامب الثاني إلى السلطة في أمريكا هذه المواجهة بوضوح في السياسة الأمريكية.

 

لا شك أن حكم القوى السياسية اليسارية في أوروبا وأمريكا يُشكل تهديداً وجودياً لمجتمعاتها. فقد أدى تنامي الحريات بشتى أنواعها إلى إفساد المجتمعات لدرجة أنها، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الأخرى، تواجه مشكلة ديموغرافية تُجبرها على قبول المزيد من المهاجرين من الدول التي استعمرتها بوصفها عمالة رخيصة.

 

ولا يغيب هذا الوضع عن بال الغربي العادي، الذي لا يجد في بحثه عن الخلاص وحل هذه المشكلة سوى الرؤى والشعارات الشعبوية اليمينية.

 

إن صعود الأحزاب القومية والشعبوية أمر طبيعي وحتمي في الدول التي تعاني من أزمة مبدئية. أما اليمين، فليس لديه خطة عمل متماسكة، إذ يتطلب تنفيذ أجندته تحولات جادة في المؤسسات العامة والحكومية في دولة غربية محددة. ولا يملك السياسي اليميني القوة أو الوقت الكافي للقيام بذلك. والعيب الرئيسي لليمين، الذي يُحدد فشله، هو بحثه عن حل في إطار نسخة جديدة من الرأسمالية والديمقراطية، اللتين هما السبب الرئيسي في تراجع الدول الغربية الحالي. وهذا يشبه ما ذكره الله تعالى في سورة البقرة: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فضل أمزاييف

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.