- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
قرغيزستان تقرر منع إقامة صلاة عيد الفطر في الساحات العامة
الخبر:
أعلنت الإدارة الدينية لمسلمي قرغيزستان عن برنامج عيد الفطر، مؤكدة أن صلاة العيد ستقام في المساجد يوم 30 آذار/مارس. كما حدد مفتي قرغيزستان موعد عيد الفطر قائلا إن عيد الفطر سيكون يوم الأحد الموافق 30 آذار/مارس.
وكان المفتي قد صرح رسميا في تصريحاته السابقة بتحديد بداية شهر رمضان أو عيد الفطر بأنه من الممكن أن يكون هناك تغيير في يوم واحد، إلا أنه لم يفعل ذلك هذه المرة.
التعليق:
في الواقع إن تحديد بداية شهر رمضان ويوم العيد مسبقاً مخالف للشريعة الإسلامية. لا يجب صوم رمضان والإفطار شرعا إلا برؤية الهلال فقط. قال الله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُ﴾، وقال النبي ﷺ أيضاً: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».
وقد أوجب القرآن والسنة الصيام برؤية الهلال، فإن كان في السماء غيم والهلال لا يرى فإن الشارع يأمر أن لا يبدأ الصوم. ولذلك يجب على المسلم أن يعمل برؤية الهلال فقط عند بدء الصيام أو الإفطار، والحسابات الفلكية لا تؤخذ بعين الاعتبار هنا؛ لأن الشريعة تشترط رؤية الهلال عند بدء الصيام أو الإفطار. وبالإضافة إلى ذلك، كانت هناك حالات لم تتطابق فيها الحسابات الفلكية مع رؤية الهلال، بفضل الله. على سبيل المثال، كانت هناك حالات حيث يقال إن الهلال يرى في يوم كذا وفقاً للحسابات الفلكية ولكن الهلال لم ير. لذلك يجب على المسلمين أن يتبعوا الشريعة في هذا الأمر، فيبدأوا ويفطروا صيامهم برؤية الهلال. قال النبي ﷺ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». رواه البخاري.
لكن إذا لم تكن رؤية الهلال ثابتةً أو كانت السماء مغيمة، وجاء مسلم بخبر صحيح عن رؤية الهلال، وجب على المسلمين اتباعه. كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ أبو عُميرِ بنُ أنسِ بنِ مالكٍ: حَدَّثني عُمومتي مِن الأنصارِ من أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، قالوا: «أُغْمِيَ علينا هِلالُ شوَّالٍ، فأصبَحْنا صِياماً، فجاء ركْبٌ مِن آخرِ النَّهارِ، فشهِدُوا عند النَّبيِّ ﷺ أنَّهم رأَوُا الهِلالَ بالأمسِ، فأمَرَهم رسولُ اللهِ ﷺ أنْ يُفْطِروا مِن يومِهم، وأنْ يَخرُجوا إلى عيدِهم مِن الغَدِ». رواه أحمد.
في عهد نبينا ﷺ كان المسلمون - على الرغم من اختلاف مناطقهم - يصومون في يوم واحد ويفطرون في يوم واحد. فإذا كان هذا هو الحال في عصر قد كانت فيه الإبل والخيول هي أفضل وسائل التواصل فماذا يمكن أن نقول عن عصر الاتصالات المتطورة اليوم؟ في عصر الإنترنت اليوم، يستطيع كل شخص في أمريكا - على سبيل المثال - التواصلَ مع شخص في إندونيسيا في غضون ثوانٍ دون أية حواجز أو صعوبات. ولذلك ينبغي للمسلمين - أينما كانوا في العالم - أن يصوموا في يوم واحد وأن يفطروا في يوم واحد. إن هذه الممارسة تؤدي إلى الوحدة بين المسلمين في جميع أنحاء العالم وتعزز التعاطف المتبادل ومشاعر الأخوة بين المسلمين، بالإضافة إلى كونها أحد متطلبات الشريعة الإسلامية.
أما منع السلطات القرغيزية صلاة العيد في الساحات العامة فهو إحدى الطرق لمنع المسلمين من العبادة والسيطرة عليهم؛ لأن عدد المسلمين الذين يحضرون صلاة العيد في السنوات الأخيرة في قرغيزستان شهد زيادة كبيرة مقارنة بإجمالي عدد السكان. وحضور مئات الآلاف من المسلمين الصلاة في العاصمة وحدها يثير غضب المسؤولين المناهضين للإسلام داخل النظام القرغيزي. علاوة على ذلك، أصبحت صلاة العيد، التي تقام مرتين في السنة، مؤشراً على مدى الصحوة الإسلامية. ولا شك أن هذا المؤشر يثير قلق النظام القرغيزي، وكذلك أسياده المستعمرين والمنظمات الدولية التي أصبح بيدقا في أيديهم. ولهذا السبب قدمت هذه المنظمات ملايين الدولارات لقرغيزستان لمنع انتشار الإسلام في المجتمع.
وفي الختام فإن الحذر لا يعني ترك الفرض. إن منع الصلاة في الساحات العامة ليس إلا نفاقاً، خاصة أن عشرات الآلاف من الناس يتجمعون دون عائق في مناسبات ترفيهية ومهرجانات الكفر والشرك. إن إقامة صلاة العيد في المساجد بدلا من الساحات المركزية لن تحل مشكلة الأمن. وهذا يدل على أن الأمن هو مجرد ذريعة لمنع توسع الإسلام. وبالتالي فإن المسؤولين الحكوميين يفشلون في القيام بمسؤولياتهم ويرتكبون إثماً بفرض القيود على أداء صلاة العيد. ولذلك يجب علينا أن نطالب المسؤولين الحكوميين بالقيام بواجباتهم وأن لا نسمح لهم بالدوس على القيم والأحكام الإسلامية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هارون عبد الحق