المكتب الإعــلامي
ولاية باكستان
التاريخ الهجري | 27 من ذي القعدة 1446هـ | رقم الإصدار: 1446 / 45 |
التاريخ الميلادي | الأحد, 25 أيار/مايو 2025 م |
بيان صحفي
بين بسمة العيد ودمعة غزة: صرخة إلى الضباط والجنود
بينما يستقبل المسلمون عيد الأضحى ويتهيؤون للاحتفال به مع أبنائهم وأزواجهم، نخصّ رسالتنا هذه بالجنود والضباط المخلصين في جيش باكستان النووي، وسائر جيوش الأمة. ونذكّرهم في هذه الأيام، وقد خذلوا أهلهم من النساء والأطفال والشيوخ والرجال في الأرض المباركة فلسطين، ولم ينصروهم وهم على ذلك قادرون.
نذكّركم بالقائد العسكري والفارس الحقيقي، صلاح الدين الأيوبي، الذي لم يبتسم بعد سقوط بيت المقدس (583هـ / 1187م)، وأصيب بمرض شديد من الحزن، وقال حينها: "ما أشدّ ألمي وأنا أرى مدن الإسلام تسقط واحدة تلو الأخرى". وحتى بعد أن استرد بيت المقدس من الصليبيين بعد معركة حطين، دخل المدينة بوجه عابس، ولم يفرح بذلك النصر العظيم، بل ظل حزيناً. وعندما سُئل عن سبب حزنه، قال: "كيف أفرح وقد ارتُكبت في هذه المدينة مآسٍ عظيمة؟! كيف أضحك وقد دخلتها وفي قلبي ألمٌ على ما جرى للمسلمين هنا؟!"، فقد كان يعتبر تحرير القدس واجباً عليه، لا منّة ولا بطولة، وكان همّه الأكبر الذود عن حرمات ومقدسات المسلمين، لا التفاخر بالنصر.
هذا موقف صلاح الدين، وحاله قبل وبعد تحرير بيت المقدس، والغريب أن عدد من قتلهم الصليبيون عند احتلال القدس بلغ سبعين ألف مسلم، وهو عدد يساوي أو يقل عمّن قتلهم يهود في غزة والضفة خلال العامين الماضيين فقط. فهل حالكم، أيها الإخوة الضباط والجنود، كحال قدوتكم صلاح الدين؟! أم أنكم تستعدون لزيارة أبنائكم وأزواجكم، تفرحون وتمرحون معهم في عطلة العيد، وكأن المجازر التي حصلت وما زالت تحصل في غزة، إنما تجري في أحد مسالخ الأضاحي في لاهور أو دكا أو القاهرة؟!
فإن كان حالكم كحال صلاح الدين، فكيف يطيب لكم لقاء عزيز أو نوم على فراش نسائكم، وقد عجزتم عن القيام بعُشر معشار ما قام به صلاح الدين لأولى القبلتين وثالث الحرمين في الأرض المباركة فلسطين؟! وإن كنتم تقولون أين نحن من هؤلاء العظماء؟! فهل أنتم ممن خذل وتآمر على المسلمين، واصطف مع يهود ودعمهم، فكنتم كجنود فرعون الأثيم، سواء مع فرعون أو هامان، كما وصفهم العزيز الجبار: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾، فهل ترضون أن تُحشروا معهم في سَقَر؟ أعاذكم الله منها! إنكم، أيها الإخوة، من جنس صلاح الدين، فلم يكن صلاح الدين نبياً ولا ملكاً، بل بشرٌ مثلكم، يؤمن كما تؤمنون، ويرجو من الله ما ترجون، فلا تصغوا لوساوس الحكام الجبناء الذين باعوا بآخرتهم دنيا زائلة فانية خدّاعة.
لم يقتصر الحزن وما تبعه من ثأر المسلمين لشهدائهم على المجاهدين من القادة والجنود، بل عمّ الناس كافة. فقد تناقل المؤرخون أن المسلمين في شمال أفريقيا والمشرق امتنعوا عن الأفراح أياماً طويلة حداداً على سقوط الأندلس. وبعد سقوط القدس ومجزرة المسجد الأقصى، انتشر الحزن في البلاد الإسلامية، ورفض المسلمون إقامة الأعراس والاحتفالات. بل إن سلاطين الدولة العثمانية، عند فقدان بعض المدن في أوروبا، كانوا يمنعون الفرح في القصور ويعلنون الحداد. وروي عن السلطان سليم الأول أنه كان يقول: "لا طعم للطعام، ولا راحة للنوم، ولا فرح للقلب ما دامت أرض الإسلام تحت التهديد".
فهذه المواقف تبيّن أن الحزن على فقدان أرض المسلمين وانتهاك أعراضهم وقتل رجالهم ونسائهم جزء من الإيمان. وكان الأئمة والقادة يرون أن الفرح في زمن المحنة خيانة لله ولرسوله وللمسلمين، فكيف بالخذلان والصمت عمّا يفعله أرذل الخلق يهود في الأرض المباركة؟! فصدق رسول الله ﷺ إذ قال:
«مَنْ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَا يُصْبِحُ وَيُمْسِي نَاصِحاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِإِمَامِهِ وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» أخرجه الطبراني.
لقد تناهى إلى أسماعكم وأبصاركم نبأ الطبيبة آلاء النجار، التي فُجعت بمقتل أبنائها التسعة وإصابة ابنها العاشر وزوجها في غارة ليهود آثمة جبانة، فهل يهنأ لكم طعام أو نوم على فراش نسائكم في عيد الأضحى، وآلاء قد ضحّت بفلذات كبدها؟! ألا تعلمون أن هناك آلافاً من أمثال آلاء في غزة، فجعت كل واحدة منهن بأبنائها وأقاربها خلال السنتين الماضيتين؟! لقد كان يكفي المعتصمَ صرخة امرأة واحدة من عمورية، نادته: "وا معتصماه"، فجهّز لها الجيوش. وكان يكفي الحجاجَ بن يوسف رسالة من امرأة في السند تستنجد به ضد الملك ظاهر شاه الظالم، فأرسل جيشاً قتل الملك وانتقم لها. فكيف بالله عليكم، وقد وصلتكم آلاف الصرخات من حرائر المسلمين في فلسطين؟! كيف يطيب لكم طعام أو شراب أو نوم؟!
لقد ورد في السيرة النبوية، وفي عهد الخلفاء الراشدين، أن النساء امتنعن عن أزواجهن، تشجيعاً على القتال أو احتجاجاً على التخاذل. ففي غزوة تبوك، كانت بعض النساء يرفضن معاشرة أزواجهن إن تخاذلوا عن الجهاد، حتى يُلزمْنَهم بالخروج. وقالت إحداهن لزوجها: "لا تطأ فراشي حتى تخرج في سبيل الله". وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعاقب المتخاذلين، ويشجع النساء على تحفيز أزواجهن، بل كانت بعض النساء يقلن لأزواجهن: "إن لم تخرج للجهاد، فأنت طالق"، ورُوي عن أم حكيم بنت الحارث، أنها شجعت زوجها عكرمة بن أبي جهل (الذي أسلم بعد عداء شديد للإسلام) على القتال، فرفضت معاشرته حتى يخرج، فخرج مجاهداً واستُشهد في اليرموك.
إن تخاذل الجنود والضباط في جيوش المسلمين عاقبته وخيمة، فهم أصحاب القوة، وهم من يُنتظر منهم نصرة المستضعفين وحماية أعراض المسلمين، وليسوا كباقي الناس. وتخاذلهم يفقدهم معاني الرجولة والنخوة، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يُشهّر بالمتخلّفين عن الجهاد، ويقول: "لا تُقبل شهادة من ترك الجهاد بغير عذر".
ولا نقول لكم تداركوا أمركم قبل فوات الأوان، بل نقول: لقد فات الأوان فعلاً! ولكن تداركوا ما فاتكم من تقصير، وتوبوا إلى الله على ما قصّرتم فيه وتخاذلتم عنه، وانفروا خفافاً وثقالاً، وانصروا إخوانكم العاملين لإقامة دولة الإسلام في حزب التحرير، التي تحكم بما أنزل الله، وتجيّش الجيوش لتحرير بلاد المسلمين ونصرة المستضعفين في فلسطين وكشمير وبورما وغيرها، ممن يئسوا من قادتكم وحكامكم الخونة المتخاذلين، ولم يبقَ لهم إلا المخلصون منكم. فهل تلبّون نداء آلاء النجار وغيرها من خنساوات هذه الأمة؟! فتكونوا مع صلاح الدين ومحمد بن القاسم وخالد بن الوليد على حوض المصطفى ﷺ؟! أم ترضون أن تكونوا مع حكام الضرار وقادتهم العسكريين، مع فرعون وهامان، في سَقَر؟! إنها أيام امتحان واختبار لكل ذي عقل وفي قلبه ذرة من إيمان، أن يختار ما هو أهل له، واعلموا أن العاقبة للمتقين. ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾، و﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية باكستان
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية باكستان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة Twitter: http://twitter.com/HTmediaPAK تلفون: http://www.hizb-pakistan.com/ |
E-Mail: HTmediaPAK@gmail.com |