Logo
طباعة

المكتب الإعــلامي
ولاية الأردن

التاريخ الهجري    30 من شـعبان 1444هـ رقم الإصدار: 1444 / 15
التاريخ الميلادي     الأربعاء, 22 آذار/مارس 2023 م

 

 

بيان صحفي

مشكلة الإعفاءات الطبية هي إحدى إفرازات

سوء سياسة الرعاية الصحية في الأردن

 

 

تقاذف النواب والحكومة الاتهامات حول ملف الإعفاءات الطبية عندما قامت الحكومة بتحويل إدارة هذا الملف للديوان الملكي، بذريعة ترشيد النفقات وضبط إصدار الإعفاءات لمستحقيها الحقيقيين، وبحجة أن البيانات موجودة لدى الديوان الملكي من أجل التدقيق تحت غطاء فشلها في إدارة هذه المسألة، وقام النواب باعتراضات حادة على هذا الإجراء مطالبين بإعادة ملف الإعفاءات الطبية إلى رئاسة الوزراء، بذريعة عدم فرض أي أعباء إضافية على الديوان الملكي، وربما أن هذا الاعتراض يتعلق بحرمان النواب من خدمة الإعفاء الطبي التي تعتبر مكرمة خدماتية يقدمونها لكسب قواعدهم الانتخابية لا يقدرون عليها، عندما تكون هذه الصلاحيات بيد الديوان الملكي، لتكون المكرمات حصرية له.

 

وقبل الخوض فيما وراء هذه الإعفاءات، نجد أن الحكومة تضع في كل موازنة مبلغاً لا يقل عن 100 مليون دينار للإعفاءات الصحية، التي يتم تجاوزها في كل سنة لتصل في سنة إلى 450 مليون دينار وفي سنة أخرى إلى 280 مليون دينار، وتجاوزت 220 مليون دينار في نهاية العام الماضي. فهي غير منضبطة بآلية تجعل هذه الأموال تذهب إلى مستحقيها على فرض صحة آليتها، وهي ضمن سوء سياسة الرعاية الصحية في الأردن وفشلها من خلال بنائها على السياسة النفعية الرأسمالية في معالجة هذه المصلحة الحيوية للناس.

 

فلم نشاهد في النقاش الحاد الدائر بين النواب والحكومة والديوان ما يدل على أن المسألة تتعلق بالرعاية الصحية للمرضى والمحتاجين والمستحقين، بل دار الحديث حول صلاحيات وامتيازات وكأن بند الإعفاءات هو باب من أبواب المكاسب المادية والسياسية وتقاسم هذه الامتيازات وهو كذلك، يتكسب منه كثير من أصحاب النفوذ والولاء، وبناء على ذلك تم التوصل لحل وسط يحفظ امتيازات الحكومة والنواب والديوان، فقد أعلن رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، يوم الاثنين 2023/3/20، أن قضية الإعفاءات انتهت بالتوافق على منح كل نائب 10 إعفاءات جديدة وأن تكون الإعفاءات لمرضى السرطان والقلب مفتوحة، وبهذا تحقق الحكومة جزءا من الإملاءات الاقتصادية المطلوبة من صندوق النقد الدولي، ويحقق النواب دورا خدماتيا نحو الناس، يغطي على دورهم السياسي المتخاذل.

 

والمشكلة ليست في بند الإعفاءات الطبية التي من العيب أن تبحث بذاتها، بل المشكلة هي في سياسة الرعاية الصحية الطبية بكافة جوانبها والأسس القائمة عليها ومن أبرز ملامحها:

 

1- تعدد الجهات التي تشرف على الخدمات الصحية وكأننا في دول عدة لكل منها امتيازاتها واستقلاليتها في نشأتها لتناسب منافع الجهات المتنفذة في النظام القائم، فتتبعثر الجهود وتتعاظم النفقات، فالمصالح الصحية تدار من مستشفيات وزارة الصحة وهي الأكثر تخلفا في مواكبة المستجدات في الرعاية الصحية، والخدمات الطبية العسكرية، والجامعات الحكومية، وخدمات القطاع الخاص ومستشفياته.

 

2- إهمال مستوى الخدمات الصحية المقدمة من وزارة الصحة التي تغطي ثلثي السكان، بحيث لا تتوفر العلاجات الطبية اللازمة واللائقة، فنقص الخدمة الطبية في المستشفيات الحكومية كماً ونوعا وخصوصا في الأمراض المزمنة هي التي أفرزت قضية الإعفاءات الطبية التي تدفع المرضى لطلب العلاج من الجهات الطبية الأخرى وكأنها في بلد آخر.

 

3- تعدد شراء هذه الجهات للوازم الطبية والتجهيزات والأدوية كل حسب ميزانيته المتميزة عن الآخر حسب قربها وحظوتها عند صاحب القرار الذي أنشأها، فتتكلف الدولة أموالا طائلة يدفعها الناس من جيوبهم عبر الضرائب الباهظة.

 

4- التأمين الصحي هو أحد ترقيعات النظام الرأسمالي وهو وسيلة لتغطية تكاليف الرعاية الصحية، وهو قائم على الضرائب، أو عن طريق شركات التأمين الصحي الذي ابتدعته الدولة في النظام الرأسمالي حيث إنها غير ملزمة برعاية شؤون الناس لترقيع تقصيرها عن مسؤوليتها في كفاية الأمة، فيُحرَم من لا يستطيع دفع نفقات أقساط هذا التأمين من الخدمة الطبية، ليقوم باستجداء حقه في العلاج كمكرمة من النظام، من خلال الإعفاءات الطبية التي تستنزف مئات الملايين من الدنانير سنويا، التي لو أنفقت في الاتجاه الصحيح للرعاية الصحية لتم بناء مستشفى مجهز بكافة الخدمات الحديثة كل عام وأعادت تحديث المستشفيات القائمة.

 

وإزاء هذه الأزمات المستدامة منذ عقود في الرعاية الصحية الطبية، فإننا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية الأردن نؤكد على ما يلي:

 

1- إن الواقع المزري للمستشفيات الحكومية يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك إهمال الدولة وتقصيرها في رعاية شؤون أهل الأردن بصفة عامة ورعايتهم الصحية بصفة خاصة، بما في ذلك التقصير في توفير الخدمات المواكبة للتقدم العلمي، وفي توفير العلاجات والأدوية المناسبة للأمراض المزمنة، وهذا يستلزم إعادة النظر جذريا بسياسة الرعاية الصحية والأسس القائمة عليها.

 

2- إن الطب من المصالح والمرافق التي لا يستغني عنها الناس، فالنبي ﷺ أمر المسلمين بالتداوي، وأعلمهم أن الله ما أنزل داءً إلا وأنزل له شفاء وعلاجا، وفي هذا حثٌّ لهم على السعي للتداوي، وتحصيل البُرْء بإذن الله الذي خلق في الدواء خاصية الشفاء. قال ﷺ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه مسلم، وفي رواية: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً إِلا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً، إِلا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ» أخرجه الترمذي.

 

3- وقدْ جعلَ الشرعُ الرعايةَ الصحيةَ منْ مسؤوليةِ الدولةِ والخليفةِ مباشرةً، فقال ﷺ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، رواهُ البخاريُّ. فالصحةُ منَ الحاجاتِ الأساسيةِ للرعيةِ، حيثُ إنَّ الرسولَ ﷺ قالَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»، رواهُ الترمذيُّ وابنُ ماجه بسندٍ حَسَّنَهُ الألبانيُّ، جاعلاً الصحةَ حاجةً أساسيةً كالقوتِ والأمنِ.

 

4- أوجب الإسلام أن تكون النظرة لأفراد الرعية واحدة، فلا تفرّق الدولة في رعاية الشؤون بين الأفراد ممن يحملون التابعية وغيرهم، فلا اعتبار للدين ولا للجنس ولا للعرق ولا للعمر ولا لمكان السكن.

 

5- يقومُ النظامُ الإداريُّ للرعايةِ الصحيةِ في الدولةِ الإسلاميةِ على البساطةِ والإسراعِ في تقديمِ الخدمةِ الصحيةِ والعلاجِ، كما يقومُ على الكفايةِ فيمنْ يَتَوَلَّوْنَ الإدارَةَ. وهذا مأخوذٌ منْ واقعِ إنجازِ المصالحِ بشكلٍ عامٍّ، فصاحبُ أيِّ مصلحةٍ إنما يَبْغِي سرعةَ إنجازِها وَإنجازَها على الوجهِ الأكملِ، والرسولُ ﷺ يقولُ فيما رواهُ الإمامُ مسلمٌ في صحيحِهِ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».

 

6- تُوَفِّرُ الدولةُ الرعايةَ الصحيةَ مجانًا لأفرادِ الرعية بِغَضِّ النَّظر عن كَوْنِهِم أغنياءَ يملكون نفقَةَ التطبيبِ أو فقراءَ لا يملكونها، لأَنَّ الحفاظَ على الصحةِ حاجَةٌ أساسيَّةٌ لِكُلِّ الناسِ، غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ.

 

7- ولا يُنْظَرُ إلى عِبْءِ مثلِ هذهِ الرعايةِ الصحيةِ الشاملةِ والمجانيةِ على خزينةِ الدولةِ، بل يُنْظَرُ إلى المشكلةِ الصحيةِ كمشكلةٍ إنسانيةٍ، لا كمشكلةٍ اقتصاديةٍ، فيكونُ الهدفُ هوَ توفيرُ الرعايةِ الصحيةِ للرعيَّةِ على أَحْسَنِ وَجْهٍ وَأَكْمَلِهِ، ولا يكونُ الهدفُ التوفيرَ على الدولةِ أو الاقتصادَ في المواردِ.

 

8- الرعايةُ الصحيةُ حاجةٌ ضروريةٌ يُعْتَبَرُ تَوْفيرُها مَصْلَحَةً من مصالحِ الأمةِ الحيويةِ، وَيُهَدِّدُ فُقْدانُها حياةَ الأمة. ولذلكَ لا بُدَّ أن تكونَ الدولةُ الإسلاميةُ في طَلِيعَةِ الدُّوَلِ منْ حيث الرعاية الصحية، ولا بُدَّ من إِيجادِ حَشْدٍ من الأطباءِ والعلماءِ والمُخْتَصينَ المُؤَهَلينَ عِلْمِيًّا وفِعْلِيًّا لابتكارِ الأساليبِ والوسائلِ اللازمةِ للرعايةِ الصحيةِ، ولا بُدَّ مِنْ توفيرِ أَقْصى إمكانياتِ البحثِ والابتكارِ العِلْمِيِّ لهم. والهدفُ هو أنْ تمتلكَ الدولةُ الإسلامية زمامَ الأمورِ في مجالِ الرعايةِ الصحيةِ وتُحَقِّقَ الاكتفاءَ الذاتيَّ.

 

هكذا ينظر حزب التحرير لسياسة الرعاية الصحية ورعاية مصالح الأمة، ومن باب جاهزيته لدولة الخلافة القائمة قريبا بإذن الله والتي يعمل لإقامتها مع الأمة، فقد بين كيفية وأُسُس سياسة الرعاية الصحية في كتاب بعنوان "سياسة الرعاية الصحية في دولة الخلافة" التي تكفل لها بإذن الله أن تكون في طليعة دول العالم في هذه الرعاية كما كانت تتطلع إليها الأمم في أوج حكمها بالإسلام.

 

﴿قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية الأردن
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 
http://www.hizb-jordan.org/
E-Mail: info@hizb-jordan.org

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.