بسم الله الرحمن الرحيم
الخلافة، على شواطئ المتوسط وفي عقر دار المسلمين الشام، قائمةٌ رغم أنف يهود وحلفائهم وعملائهم
في يوم الاثنين، 21/04/2025م، نقلت وسائل الإعلام المختلفة تصريحاً لرئيس وزراء الكيان المجرم بنيامين نتنياهو أنه لن "يقبل بقيام أي خلافة على شاطئ المتوسط"، موضحاً أن "الرد الإسرائيلي لن يقتصر على اليمن، بل سيمتد إلى لبنان وبقية الجبهات". وأضاف: "قلت مراراً سنغير وجه الشرق الأوسط، وهذا ما ننفذه بالفعل حاليّاً، وبفضل قرارات حكومتي وصمودها كسرنا محور الشر في غزة ولبنان وسوريا ومواقع أخرى، ونعرف عدوَّنا جيداً، ولن نقبل بوجود دولة خلافة هنا أو في لبنان، ونعمل على ضمان بقاء إسرائيل".
إن مثل هذه التصريحات، وإن كانت ليست بجديدة على أهل الكفر من يهود ونصارى، منذ مئة سنة ونيِّف، منذ إسقاط دولة الخلافة تحديداً، في تعبيرهم عن الخشية من قيام خلافة جامعة للمسلمين من إندونيسيا شرقاً إلى المغرب غرباً... لكن أن يأتي مثل هذا التصريح في وقت تمر فيه الأمة في مخاض عسير في بلاد المسلمين عموماً، وبلاد الشام خصوصاً، (على شواطئ المتوسط) كما عبَّر عنها ذلك المجرم المأفون، فإن فيه دلالة واضحة على إدراك يهود ومَنْ خلفَهم لحقيقة هذا الصراع، وحقيقة هذا المخاض، وأن المولود المنتظر لن يكون بإذن الله إلا الخلافة الثانية على منهاج النبوَّة التي بشّر بها الرسول ﷺ في رسمه للمراحل السياسية التي تمر بها الأمة؛ ليكون ختامها مسكاً، كما في حديثه ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ سَكَتَ»... فما بعد هذا الحكم الذي نعيشه، والذي وصفه الرسول ﷺ في الحديث ذاته بالملك الجبري، إلا الخلافة قولاً واحداً لا خلاف فيه...
قد يتهيَّأ للناس أن نتنياهو هذا يتكلم من موقع القوة والانتصار. والمدقق يرى أن تصريحه هذا يكشف عن الهلع الذي يملأ قلبه من عودة الخلافة. وهو إذ يخاطب به مهدداً أمة الإسلام التي لا تركع إلا للذي خلقها، ولكنه يذكر به تذكيراً خفيّاً دول الكفر أنه يقوم بمهمة (منع إقامة دولة الخلافة) بالنيابة عنهم. وهو إذ يظهر القوة والقدرة على الانتصار؛ ولكنه علم وتأكد أن أمة الإسلام صامدةٌ أمامه لم تهزم، وأن أول هذه الأمة هم أهل الشام، أهل بيت المقدس وما حوله، ومنه غزة، وآخرهم حتى آخر مكان فيه مسلمون... فإذا كانت غزة وحدها قد أعجزت هذا الكيان ومَنْ خلفَه من دول الكفر والعمالة مجتمعةً، فما بالهم بأمة تتوق لأن تحمل الراية وتُسيءَ وجوهَهم وتحققَ فيهم قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾؟! وإذا كان هو لا "يقبل بقيام أي خلافة على شاطئ المتوسط"، فما باله إذا أتته من خارجه، فالخلافة مطلب أمة وليست مطلب أهل المنطقة فحسب؟! يكفي أن يسقط حكمٌ واحدٌ في بلاد المسلمين ويتسلم أهل الدعوة إلى إقامة الخلافة الإسلامية الحكم فيها حتى ينتشر أمرها في الأمة انتشار النار في الهشيم. وإنه إذا كان هذا النتن يعيش هذا الهلع، فأنَّى له أن يخوِّف ويهدِّد؟!
أيها المسلمون، من (أحد شواطئ المتوسط) من لبنان نقول:
إن الأمة تنتظر من أطهار أهل الإيمان والقوة نصرة دين الله وإسقاط هؤلاء الحكام وإقامة حكم الله في الأرض... وإنه لو كان لدى حكام المسلمين أدنى شعور بالغيرة على أمتهم، وبالرغبة بالنجاة بأنفسهم وأهليهم من غضبة الأمة، لبادروا سريعاً إلى الانحياز إلى جانب هذه الأمة المظلومة؛ ولكن ليس فيهم رجلٌ رشيدٌ!
فيا جند مصر المؤمنين، خير أجناد الأرض... ويا نشامى الأردن أبطال الكرامة التي أذاقت يهود البأس... ويا جنود تركيا محمد الفاتح والسلطان عبد الحميد... ويا مجاهدي الشام الذين صرختم في الأمس القريب (هي لله، هي لله)... ها هو عدوكم يعبر عن خشيته الحقيقية من الخلافة وعد الله عز وجل غير المكذوب، وبشرى نبيكم ﷺ، فبشر عبادِ... فيا أيها الضباط والجنود الأطهار الأبرار، خذوا دوركم وكونوا أنصار الله، وهلم إلى العاملين لإقامة الخلافة... لقد أدرك عدوكم أنكم في أحسن حالاتكم وهو في أضعف حالاته، فهل أنتم مدركون؟! فعاجلوه قبل أن يعاجلكم، وخاصة في مصر والأردن، وسارعوا إلى نصرة دينكم وأمتكم، وإنكم إن شاء الله قادرون على ذلك، فأروا الله منكم ما يحب... إنه الحدث الكبير الذي تنتظره الأمة بتلهُّف، وينتظره العاملون لإقامة حكم الله لينطلقوا بعدها كما انطلق الرسول ﷺ في المدينة لإقامة الحكم في الداخل ونشر الإسلام بالدعوة والجهاد في الخارج... هذا هو الصراط الذي تستقيم به الأمور وتصطلح عليه أحوال المسلمين وغير المسلمين في العالم أجمعين... هذا وعلى الله قصد السبيل.
قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
التاريخ الهجري :24 من شوال 1446هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 22 نيسان/ابريل 2025م
حزب التحرير
ولاية لبنان