الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

في الذكرى العاشرة للثورة

(16)

كيف يكون التغيير إذاً؟!

 

ثالثاً: الالتزام بطريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة:

 

إن للإسلام طريقته في الوصول إلى الحكم جاء بها الوحي من عند الله، والمدقق في الطريقة التي أقام بها رسول الله ﷺ الدولة؛ يجد أنها طريقة واحدة. وليس منها الدخول في اللعبة الديمقراطية، والحكم بغير ما أنزل الله ولو مرحليا. وكان الأولى بالجماعة أن تتعظ ممن سبقها، بدلاً من هذا الاستنزاف والفشل تلو الفشل في كل تجربة، فلا نجني إلا يأساً وإحباطاً في الأمة، وتشويهاً للإسلام، وتثبيتاً لنفوذ الكافر المستعمر. فالديمقراطية في الجزائر لم تجلب للحركة الإسلامية إلا الويلات والمصائب! وما زالت تدفع ثمن تجربتها من دمائها وأعراضها وأمنها، وكذلك في فلسطين وغيرها.

 

فطريقة الإسلام في إقامة دولته تكون بأخذ السلطان عن طريق الأمة. فإن كانت الأمة مالكة لسلطانها تمنحه من تشاء وتنزعه ممن تشاء؛ فلا يقهرها على سلطانها أحد، كان القول الفصل للجماهير بقيادتها بعد صنع الرأي العام المنبثق عن الوعي العام فيها. وإن كانت الأمة لا تملك سلطانها بل هي مكبلة من حكام عملاء، جيشوا الجيوش وأوجدوا الأجهزة القمعية ليحولوا بين الأمة وسلطانها، لزم العمل وسط الأمة لإيجاد رأي عام منبثق عن وعي عام على الإسلام، ومن ثمَ استعادة سلطان الأمة المغتصب عن طريق مراكز القوى، أي عن طريق طلب النصرة من الجيش لسحب البساط من تحت أقدام الحكام. وفي كلتا الحالتين يكون السلطان سلطاناً ذاتياً يستند إلى قوى البلد الذي قامت فيه الدولة.

 

وها هنا أخطأت الجماعة في اعتمادها على وعود المجلس العسكري باحترام ما تسفر عنه صناديق الاقتراع، ومراهنتها على احترام المجتمع الدولي وأمريكا بصفة خاصة لما ستسفر عنه ديمقراطيتهم المزعومة. فهي - أي الجماعة - لم تنشغل بصياغة الرأي العام المنبثق عن الوعي العام الذي يجعل الجماهير تلتف حول الدولة الجديدة التي يطبق فيها حكم الله؛ وتتحمل الصعاب في سبيل التمكين لها والوقوف على أرض صلبة، وهذا هو الخطأ الفادح! غفر الله لهم.

 

رابعاً: إدراك دور الإعلام في تحقيق الأهداف السياسية:

 

مما لا شك فيه أن للإعلام دوراً مهماً في تحقيق الأهداف السياسية، لما له من تأثير في الرأي العام ومعنويات الرعية وحشد التأييد المحلي والعالمي، ولذلك يعتبر في الدول القائمة السلطة الرابعة لما له من تأثير. فيجب أن يستثمر في ظل الدولة استثماراً كبيراً.

 

وهذا الأمر كان مغيباً في أذهان القائمين على الحكم في فترة حكم محمد مرسي، فقد ترك الإعلام دون أن يضع له خطة محكمة واستراتيجية ملزمة للسير بحسبها، بل ترك الإعلام يوجه له السباب والشتائم والسخرية، ويحشد الرأي العام ضده وضد حكمه وجماعته. فلم يستطع مرسي أن يؤثر تأثيراً قوياً في الإعلام؛ يجعله أداة في يده كما كان يفعل مبارك، فإذا بالإعلام ينفلت من يده تماماً، واستطاع أن يقوم هذا الإعلام بتجييش الناس ضد الإخوان بشكل خاص وضد التيار الإسلامي بشكل عام، يسفِّه الرئيس وكل قراراته، ويبرز المشاكل بل ويضخمها، فبدا للمتابع وكأن البلد تنهار والسبب ليس عقوداً مضت من الفساد وسوء الإدارة، بل تم تحميل السنة التي حكم فيها مرسي كل الخطايا والبلايا والمشاكل. وتحريض الإعلام بهذه الطريقة أدى إلى زيادة التذمر عند الناس بشكل كبير وإلى وجود حالة عدم استقرار واضح مما أدى لإسقاطه إسقاطاً مدوياً.

 

خامساً: لا بد أن يتمتع رجال الكتلة بالوعي السياسي والقدرة على المناورة:

 

إن الدولة في بداية عهدها تكون في وضع يحتاج إلى أعمال سياسية مبدعة ومناورات سياسية ذكية وجبارة على مستوى الساحة الداخلية، والإقليمية والدولية. وهذا يحتم على رجالاتها الاتصال الواعي بالعالم من حولهم اتصالاً مدركاً لأحواله وما عليه من مواقف دولية، ويتطلب إدراكاً دقيقاً لعلاقات الدول وارتباطاتها وتوجهاتها، وكذلك يتطلب إدراكاً لطبائع الشعوب ونفسياتها. وكذلك بؤر التوتر فيها، ومعرفة تامة لمصالح الدول وتقاطعها، وتمييز المصالح الحيوية لهذه الدول من المصالح الثانوية، وإحسان المناورة بهذه المصالح لخدمة الدولة الناشئة، وهذا كله يتطلب وعياً سياسياً ويتطلب رجالات على قدر عظيم من الحنكة والفطنة والقدرة على رسم الخطط السياسية والإعداد لكل أمر بقدر ما يقتضيه.

 

وقد ظهر للعيان مدى التخبط الذي كانت عليه حكومة هشام قنديل، وافتقادها للعقليات المبدعة الذكية، وقد ظهر ذلك بوضوح في الاجتماع الذي أداره الرئيس مرسي مع بعض القوى السياسية لبحث ملف استراتيجي مهم (ملف سد النهضة) يبث على الهواء مباشرة دون أن يدري أحد من المجتمعين، مما أثار الضحك والتندر من الناس لسخافة الحلول والمناورات المطروحة من تلك القوى، كما بدا الرئيس مترددا في أكثر من موقف، يتخذ القرار ولا يستطيع تنفيذه، أو يتخذه في المساء ويتراجع عنه في الصباح.

 

سادساً: لا بد من البدء بالقضاء على الوسط السياسي القديم والتخلص منه:

 

إن من أعظم الأخطار التي تواجه الدولة الناشئة؛ الخطر المتمثل في الوسط السياسي القديم والذي انتزع الحكم من بين يديه وأقيمت دولة جديدة على أنقاض دولته ونظامه. فهو يرى أن الدولة الجديدة قد ضربت مصالحه وقضت على نفوذه وجاهه وسلطانه، فلا بد وأن يكيد للدولة ولرئيسها، بإثارة الجماهير وتأليبها على الدولة من الداخل أو التآمر مع الدول الأخرى والتحالف معها لضربها.

 

ولهذا يجب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالقضاء على هذا الوسط السياسي والتخلص من جميع قنوات تأثيره في الجماهير. والتخلص أيضاً من جميع العيون المدسوسة على الدولة من الكفار، سواء أكانت سفارات أو بعثات أجنبية تتستر بأعمال الإنسانية، أم كانوا إعلاميين تربوا على الخداع والنفاق والتآمر وتنفيذ مخططات الغرب في بلادنا. ولقد رأينا كيفية تعامله ﷺ مع المنافقين في المدينة وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول وأهل مسجد الضرار فعاملهم بغاية الحكمة والحزم، وفي مكة جعل لأبي سفيان مكانته ووجاهته فقال: من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، وفريق آخر قد هدر دماءهم، وفريق ألف قلوبهم وأجزل لهم العطاء. وأما عامة الناس فقد قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء. فهذه الأعمال تبرز نموذجاً رائعاً لكيفية التعامل مع الوسط السياسي.

فتأليف القلوب أمر مهم، وهو ليس تأليفا على الإسلام وإنما هو تأليف على دولة الإسلام، ولا يجب أبدا استعداء الناس المخالفين، بل يجب أن نبين لهم أن الدولة دولتهم وهي ليست دولة مذهب أو طائفة أو جماعة، بل هي دولة المسلمين جميعاً. تكفل جميع الحقوق التي جاء بها الشرع لهم وتلزمهم بجميع الواجبات التي فرضها الشرع عليهم، بل هي دولة تحتضن وتحمي غير المسلمين من أهل الذمة احتضاناً كريماً جميلاً. فيتحتم على الدولة أن توجه كل الجهود للاتصال بالناس وقياداتهم في كل الأماكن وعلى كل المستويات، وعرض الدستور الذي يبين حقوق وواجبات الجميع ومناقشته والوقوف على الأسباب الموجبة له لإيجاد القناعة عند جل الناس بالدولة؛ بإيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام والذي من شأنه أن يجعل الناس يلتفون حول الدولة فتصبح الدولة دولتهم، يدافعون عنها ويعتزون بها.

 

سابعاً: الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الآخرين:

 

يجب على القائمين على الدولة أن تكون لديهم أنظمة دقيقة وسياسات راقية من شأنها معالجة الوضع الاقتصادي بمباشرة تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي وتنفيذ السياسة الاقتصادية، حتى لا يبقى اقتصاد الدولة مربوطاً بعجلة اقتصاد الدول الكافرة، وحتى توجد الكفاية الذاتية وعدم الاعتماد على الآخرين لسد حاجات الناس الإنسانية ابتداء، فلا تبقى تحت رحمة المساعدات الخارجية وأخطارها المدمرة.

 

وهذا ما لم يحصل مع الدكتور مرسي، فقد ترك الأمور تمشي باعوجاجها كما كانت في عهد المخلوع، ولم يتضح للناس أنه ينتهج سياسة اقتصادية إسلامية محددة وواضحة، فضلاً عمّا سمي حينها بخطة المائة يوم الفاشلة، والتي كانت عبارة عن مجرد وعود ليس لها من الحقيقة على الأرض نصيب، كما أنه رضي بأن يكون قائدا عاما شكليا للقوات المسلحة، وترك المؤسسة العسكرية إمبراطورية مالية واقتصادية مغلقة على أصحابها، بل وظل يكيل لها المديح طوال سنة حكمه، وأغفل العمل على رفع يد أمريكا وتسلطها عليها تمويلاً وتسليحاً وتدريباً.

 

وأخيراً لا بد من إدراك أن الحل في مصر وغيرِها من بلاد المسلمين، هو أن يأخذ المسلمون الحكمَ كاملاً غير منقوص ولا مشروط، بعد أن تصبحَ المطالبة بالحكم بالإسلام في خلافةٍ راشدة على منهاج النبوة رأياً عاماً قوياً لا يتحداه أحد، وبعد أن تتحد إرادة الأمة بإرادة ونصرة جيشِها القوي، الذي يوصلها إلى تطبيقِ الإسلام بكامله، دون تمييعٍ ولا مسايرة، ولا مداهنةٍ لعملاء الغرب؛ من الحكام والسياسيين والإعلاميين، وكل الأوساط السياسية الفاسدة التي يجب أن تُزال من المشهد السياسي. ولا شك أن دور الجيشِ المسلم في هذا الحلِ دور بارز، وهو الذي سينصر هذه الدولة ويحافظ على بقائها.

 

إن الحل لا يكون بالمشاركة السياسية كما حصل بانتخاب محمد مرسي، بل بإيجاد حاكم يطبق كلَ نظام الإسلام، تؤيده جماهير الأمة الهادرة، وجيش مسلم مخلص، يعطيه النصرة، والولاء ليطبق الإسلام، دون لفٍ ولا دوران ولا مواربة.

 

الجزء الأول: اضغط هنــا

 

الجزء الثاني: اضغط هنــا

 

الجزء الثالث: اضغط هنـا

 

الجزء الرابع: اضغط هنـا

 

الجزء الخامس:اضغط هنـا

 

الجزء السادس:اضغط هنـا

 

الجزء السابع: اضغط هنـا

 

الجزء الثامن: اضغط هنــا

 

الجزء التاسع: اضغط هنــا

 

الجزء العاشر: اضغط هنـا

 

الجزء الحادي عشر:اضغط هنا

 

الجزء الثاني عشر: اضغط هنا

 

الجزء الثالث عشر: اضغط هنا

 

الجزء الرابع عشر:اضغط هنا

 

الجزء الخامس عشر: اضغط هنا

 

 

 

 

كتب للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حامد عبد العزيز

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع