Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قراء السلاطين في المغرب سِلْم على طاغيته حرب على أهله

 

ما إن أنكر الناس في المغرب على قراء السلاطين سكوتهم وخنوعهم وخذلانهم لقضايا أمتهم، وقد توالت وتواترت التغريدات عبر وسائل التواصل عن خزي هذا السكوت، ومنها ما استجد من خيانة تطبيع العلاقات مع كيان يهود القاتل لأهلنا والغاصب لأقصانا وأرض إسراء ومعراج رسولنا ﷺ، حتى استنكروا إنكار الناس عليهم، وأوردوه موارد الغوغاء والفتن، وعلا صياحهم ونياحهم ودوي أصواتهم في تسفيه وتبخيس وتحقير من أنكر عليهم!

 

عجباً يا قراء السلاطين! حرب على الأمة وخيار أبنائها، سِلم على ظُلاَّمِها وطواغيتها، مغوار شجاع الواحد منكم في ذكر معايب الناس وسوء أخلاقهم، جبان خوار في فضح من كان سببا في عيب حالهم وسوء أخلاقهم؟!

 

عجبا يا قراء السلاطين! سلخ للضحية ورفق بجلادها، مغوار شجاع الواحد منكم في عظته عن سوء أخلاق الناس ومنكرات أفرادهم، وأنها موجبة للنقمة ومستوجبة للعنة، جبان خوار في فضح كفر وفساد أنظمة الحكم التي كانت سببا في إفساد مجتمع وأمة، وهي عين النقمة وأم اللعنات؟!

 

عجبا يا قراء السلاطين! ما الذي كنتم تنتظرون من هكذا كفر وفساد في السياسة والاقتصاد والاجتماع والقضاء والتعليم والإعلام، والذي تغاضيتم وتغافلتم عنه، ثم أسهبتم في ذكر قبيح النتائج من أخلاق الناس، وصَمَتم صمت أهل القبور عن قبيح فعله في دين الناس ودنياهم وفي معاشهم ومآلهم؟! أين أنتم من فعل هذه الأنظمة الكافرة الفاجرة في شقاء الناس وبؤسهم؟! أين أنتم من فعلها في مئات الألوف من كبار السن العجزة الهائمين على عظامهم جياعا حفاة عراة يتسولون في ضعفهم ذلا؟! أين أنتم من فعلها في مئات الألوف من المطلقات والأرامل يبعن مَزْق خِرَق أثاثهن ليطعمن فراخا يتضورون جوعا؟! أين أنتم من فعلها في مئات الألوف من صبية يحملون أضعاف أجسامهم أحمالا لجمع لقمة من نار ورشفة من قطران؟! أين أنتم من فعلها في هاته الملايين من الشباب الذي أفسدوا تعليمه وإعلامه، فأفسدوا عليه دينه ودنياه وحطموا آماله، وتركوه نهشا للعطالة والبطالة شريداً طريداً، إن لم يبتلعه البحر هربا من جحيم أوضاعه، أردته هذه الأنظمة حطاما آدميا متناثرا في الطرقات، ملتصقا بالحيطان والجدران، بحثا عن فتات قوته في صناديق القمامة يزاحم فيها القطط العجاف والكلاب الضالة، ثم بعدما استنزفتهم فقراً وهمّاً وغمّاً أغرقتهم في بحر طَمِيٍّ من المخدرات لا يفيق الواحد منهم إلا شاردا متلصصاً أو متسولا ذليلا؟! أين أنتم من فعل هذه الأنظمة في ملايين المرضى لا مستشفى ولا طبيب ولا دواء، حتى باتوا في عذاباتهم وآلامهم يرجون في الموت الخلاص؟!

 

عجبا يا قراء السلاطين! أين أنتم من موبقات هذه الأنظمة الكافرة الفاجرة، التي تكاد السماوات يتفطرن منها وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً، من تعطيل لشرع الله وحرب على دينه، وآخرها صد وإغلاق لبيوت الله، وإقرار لإخوان القردة والخنازير على غصب أقصانا ومسرى ومعراج نبينا ﷺ، واستحلال الربا والخمور والزنا وفعل قوم لوط والقمار والعقود الباطلة الفاسدة والمعاملات المحرمة وولاء للعدو الكافر في حربه على الإسلام وأهله ورصد وتجسس على المسلمين والزج بالأخيار في غياهب السجون؟! عجبا وكأني بكم صم بكم عمي عن مصائبنا ومآسينا!

 

عجباً يا قراء السلاطين! كيف عمي عليكم ذلك الترف المعربد في المواخير والقصور، تبعثر به ثروة أمة على كفار الغرب وفي حجور الغواني وعلى موائد القمار، في سفه إنفاق واستهلاك.

 

خضتم في سفاسف الأمور دهرا وأحجمتم عن الخوض في سبب بؤسنا وشقائنا، بل الأنكى والأدهى أنكم السند والنصير لهكذا أنظمة، والتي يصيبكم الصمم والبُكْم متى اعتليتم منابرنا، فلا تحركون شفاهاً ولو بهمسة إليها عارضة من قريب أو بعيد!

 

فالسكوت على موبقات أنظمة الكفر والفجور في دين قراء السلاطين طاعة حتى تنطّع قائلهم في دعواه من أن "سكوتهم عن علم"، وزاد التنطع كِبْراً في التطاول على الأمة إذ استقبح واستنكر عليها إنكار خورهم وجبنهم وكتمانهم للحق، فكيف في زعمه بهمل رعاع من أبناء هذه الأمة أن يتطاولوا على السادة القراء!

 

لعمري ما كان حديثكم فينا أمام هول مصيبتنا وعظيم رزيتنا إلا لغواً، وما كان الشيطان الرجيم ليجد غواية أشد وأنكى في الناس من غواية صاحب علم!

ولعمرك ما وجدنا وعيدا أشد وأقسى وأبلغ في هكذا حال من قول المولى جل وعلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 174].

 

تالله ما كان التفَيْقُه في السكوت عن الحق إلا غواية شيطان لعين! وفي سياق الحديث عن ذم السكوت عن المنكر وعدم إنكاره ها هي أقوال من تمسحتم بهم من السلف دهرا وهم منكم براء: ففي مجموع الفتاوي لشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "في قوله تعالى: ﴿فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ [النساء: 135]، ولوى لسانه: أخبر بالكذب، وأعرض: سكت وكتم الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس".

 

ويقول ابن القيم في إعلام الموقعين: "وأيُّ دين وأيُّ خير، في من يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسول الله ﷺ يرغب عنها! وهو بارد القلب، ساكت اللسان، شيطان أخرس؟! كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بَلِيَّةُ الدّين إلا من هؤلاء الذين إذا سَلِمَت لهم مآكلهم ورياساتهم، فلا مبالاة بما جرى على الدّين، وخيارهم المُتحزِّنُ المُتَلمِّظ، ولو نُوزِع في بعض ما فيه غضاضةٌ عليه في جاهه أو ماله بذَل وتبذَّل، وجدَّ واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله، ومقت الله لهم، قد بُلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلب! فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره للدّين أكمل".

 

هي قلوبكم يا معاشر القراء والله ناظر إليها، لا إلى دوي الحلاقم، فمستقر التقوى أقصى القلب لا أقصى الحَلْق.

 

اللهم إنَّا نعوذ بك من علم لا ينفع وعمل لا يُرفع وقلب لا يخشع وقول لا يُسمع، فاللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً تعزّ فيه وليّك، وتذلّ فيه عدوّك، ويُعمل فيه بطاعتك، ويُتناهى فيه عن سخطك.

 

﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.