Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات

"حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً

الجزء الثاني والأخير

 

..."أما نظرة المسلمين الذين يعتنقون الإسلام مؤمنين بعقيدته وأحكامه، وبعبارة أخرى نظرة الإسلام إلى الصلات بين الرجل والمرأة، فإنها نظرة لبقاء النوع لا نظرة للناحية الجنسية، وتعتبر الناحية الجنسية أمراً حتمياً في الإشباع، ولكن ليست هي التي توجه الإشباع. ومن أجل ذلك يعتبر الإسلام وجود الأفكار الجنسية بين الجماعة أمراً يؤدي إلى الضرر، ويعتبر وجود الواقع المادي الذي يثير النوع أمراً يؤدي إلى الفساد. ولذلك جاء ينهى عن الخلوة بين الرجل والمرأة، وجاء ينهى عن التبرج والزينة للأجانب، وينهى كلاً من الرجل والمرأة عن النظر للآخر نظرة جنسية، وجاء يحدد التعاون بين الرجل والمرأة في الحياة العامة، وجاء يحصر الصلة الجنسية بين الرجل والمرأة في حالتين اثنتين ليس غير، هما: الزواج، وملك اليمين. فالإسلام يعمل على الحيلولة بين غريزة النوع وبين ما يثيرها في الحياة العامة، وعلى حصر صلة الجنس في أمور معينة." (كتاب النظام الاجتماعي في الإسلام لحزب التحرير).

 

تطرقنا في الجزء الأول من هذا البحث إلى حياة المرأة الغربية المزرية في ظل المبدأ الرأسمالي العلماني، وشرحنا واقع هذه الحياة الغربية التي تضطهد المرأة في العصر الحديث كما اضطهدتها قديماً، بالرغم عن أن الحركات النسوية القديمة والجديدة قد رفعت شعارات تحرير المرأة وتمكينها واستقلاليتها من خلال المطالبة بسن قوانين وضعية تضمن مساواتها المزعومة بالرجل، فكان ذلك هو الحل المطروح لرفع الظلم في "مجتمع ذكوري" في حدود نظرتهم القاصرة والحاقدة على الرجل مما سبب الأذية البالغة وأضر بعلاقة الرجل بالمرأة في الغرب وهدم الأسرة وتصدع النظام الاجتماعي في أوروبا وأمريكا إثر تعزيز الدولة والمجتمع للنظرة الجنسية في الصلات بين الرجل والمرأة مما أدى إلى هضم حقوقها وجعل دورها في المجتمع أن تكون سلعة تجارية رخيصة، سلعة مرغوبة إن صمتت وسعت للمتعة وقبلت بالاستغلال، ومكروهة إن طالبت بما يوافق فطرتها لتقوم بدورها الطبيعي في المجتمعات البشرية بأن تصبح أماً محترمة ضمن أسرة مستقرة يقوم فيها الرجل بدور الأب، وذلك من أبسط حقوقها وأوضح واجباتها كأنثى، أو أن تعمل وتبدع في مجتمع يقيس إنجازاتها بجمالها وليس عقلها. ولن نحتار إن أردنا البحث عن الإحصائيات الصادمة عن الجرائم القبيحة التي تُرتكب ضد المرأة في الغرب، والتي تفضح المبدأ الرأسمالي على يد أبنائه في بلاد "الديمقراطية" و"الحريات" المزعومة، فالإحصائيات تقوم بها مراكز الغرب النسوية التي تخصصت في سرد الأرقام المخيفة وتنشرها على أمل إيجاد حل على يد المنظمات النسوية (التي تمولها الحكومة الغربية ذاتها؛ "حاميها حراميها"!)، ونذكر بعضها وما خفي كان أعظم، منها:

 

انهيار الأسرة، والطلاق، والحمل سفاحاً، والإجهاض، والانتحار، والإدمان، والشذوذ، والأمراض الجنسية، وأشكال العنف والتعنيف والضرب، وإدمان الخمر والمخدرات، والإرهاب، والعنصرية، والاغتصاب نتيجة تكثيف الترويج لثقافة العهر والتعري في الدعايات والإعلان، والزنا وزنا المحارم، والتعرض للإذلال، والتحرش، والابتزاز بسبب العمل المختلط مع الرجال بدون ضوابط ولا قيود، والعمل في الدعارة، والعيش وحيدات مع أطفالهن بدون نفقة، فلا راعي ولا ولي ولا محرم مسؤول عنها ولا حاكم، عقوق وهجر ومعاناة نفسية وفقر وضلال وضياع الأنساب واختلاطها... وهذا غيض من فيض والتفاصيل بالنِّسب في الروابط التالية، علماً أن بعض الإحصائيات من سنوات سابقة وهي حاليا في ازدياد مستمر.

 

حقائق وإحصائيات تفضح واقع المرأة الغربية

 

أرقام فظيعة عن حياة المرأة الغربية

 

... وحدث ولا حرج!!

 

فاليوم الغربيون علمانيون يفصلون الدين عن الحياة والسياسة ويفصلون الله تعالى عن عيشهم جبراً وفرضاً عليهم بواسطة النظام الحاكم الرأسمالي العلماني، ويتساوى في ذلك أصحاب العقائد المختلفة، ويتساوى عندهم كل الناس في العيش على أساس الكفر (النظام العالمي الجديد). فذلك المبدأ يستند في وجهة نظره في الحياة على فصل حقيقة وجود خالق للإنسان والحياة والكون وخالق المخلوقات جميعا، الله سبحانه تعالى، فيتجاهل هذه الحقيقة ثم يتجاهل أن الله تعالى قد أرسل الرسل والأنبياء عليهم السلام، وبطبيعة الحال يتجاهل أن سيدنا محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء، كما ينفي هذا المبدأ تماماً أن السبب الأساسي للخلق هو عبادة الله تعالى وأنه سبحانه وتعالى وحده له الحق المطلق في التشريع وسن القوانين الربانية لتنظيم ومعالجة حياة البشر، فينكر أن القرآن والسنة هما مصدر ذلك التشريع، وهذا معنى فصل الدين عن الحياة؛ هو فصل التشريع الرباني عن رعاية شؤون الناس وأمورهم الحياتية واستبدال آراء وأهواء الناس به، ويَزعم أن ذلك - وهو قمة الضلال والتضليل - حرية وتقدُم وحداثة وعولمة ونظام عالمي فرضوه بالقوة على البشرية بسبب ضعف المسلمين وغياب دولتهم الإسلامية، فالمبدأ الرأسمالي يسيطر على العالم اليوم ولكن لن يستمر ذلك للأبد، فللإسلام دولة وهي دولة منيعة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستعود قريباً بإذن الله تعالى.

 

وهنا يتساءل القارئ إن كان هذا حال الغرب الكافر المستعمر الذي لا يختلف عليه اثنان! فلماذا تسير بلاد المسلمين على نفس هذا الطريق المظلم بحجة أن الغرب "متقدم تكنولوجياً" و"متحضر أخلاقياَ" وهو أبعد ما يكون عن ذلك؟ وإن كان هذا حال المرأة الغربية فلماذا تضغط الحكومات والمنظمات المدنية والحقوقية على الشعوب في بلاد المسلمين بأن تسن قوانين علمانية تفتح أبواب الانحلال لإفساد المرأة المسلمة وانهيار الأسرة وضرب علاقة الرجل بالمرأة؟

 

فعلاقة المرأة بالرجل في بلاد المسلمين علاقة محددة بالشرع ومستقرة ولم يسجل التاريخ منذ بزوغ فجر الإسلام وتحكيم شرعه في الدولة الإسلامية؛ دولة الخلافة الإسلامية - والتي حكمت بالدستور والقوانين الإسلامية لأكثر من سبعة قرون - في عصر تطبيق الأحكام الشرعية ونظام الإسلام الرباني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لم تسجل أي إحصائيات فظيعة لجرائم مخيفة ضد المرأة كما رأينا في عصر الحكم الرأسمالي الغربي الوضعي! بل بالعكس، لقد نهضت البشرية بالإسلام وازدهرت المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، في مختلف ولايات الخلافة داخلياً وخارجياً - فعندما حكم الإسلام العالم بدولة المسلمين التي وحدتهم ووحدت النظام الحاكم تحت راية الإسلام وتحت إمرة خليفة المسلمين الواحد وجيشه العرمرم الذي لا يهزم والذي تحرك لحماية المرأة المسلمة أينما كانت، وقد تقدمت هذه المجتمعات وازدهرت بشهادة التاريخ بمشاركة المرأة المسلمة في جميع المجالات؛ الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، وفي المجال الطبي والحياة العملية، وذلك لأن المرأة والرجل بمختلف عقائدهم كانوا يعيشون في كنف الحياة الإسلامية السعيدة التي أساسها الحكم بما أنزل الله، ووفقاً لأحكام الإسلام في الدولة تحقق للبشر رعاية الشؤون الحياتية بشكل غير مسبوق! حتى غير المسلمة في الغرب كانت تتوق لتعيش حياة المرأة المسلمة المحترمة وكانت تلبس ثوب العفاف والحشمة، فتاريخ البشرية يزخر بأسماء المسلمات اللواتي غيرن مجرى تاريخ البشرية مُربيات القادة الأفذاذ والحكام والخلفاء بدءاً من أمهات المؤمنين مروراً بزوجات الحكام وأمهات المسلمين، منهن الفقيهات والطبيبات والمُعلمات ومن عملوا بل وأسسوا الجامعات والجمعيات والمشافي، ولا يحتار القارئ إن بحث عن إنجازات المرأة المسلمة قديماً وحديثاً والتي ساهمت بشكل فعال في نهضة العالم نهضة حقيقية ولم تَحْتَجْ لبيع جسدها لذلك! فلم يَجُع الناس ولم يَسُدِ العالمَ الفجارُ الظالمون المجرمون الكفار وأذنابهم ومن أحبوا أن تنتشر الفواحش والشذوذ والانحراف! فالاستعمار الغربي قد جلب معه الخراب لبلاد المسلمين منذ أن سقطت دولة الخلافة في 1924م.

 

ونعود للإجابة على التساؤلات أعلاها بأن الأنظمة الحاكمة الحالية في بلاد المسلمين مجرد نواطير لهذا الغرب الكافر المستعمر، وهم جزء من الحرب الشرسة التي يشنها هؤلاء المجرمون على الإسلام والمسلمين ولا يهمهم الرجل المسلم، ويستهدفون المرأة المسلمة ليضربوا بها الإسلام لتعطيل أحكامه وإحلال قوانينهم ومواثيقهم بدلاً عنه بنشر ثقافتهم وفرض حياة الغرب القذرة على المسلمين بالقوة العسكرية في عقر دارهم بحجة "الحريات" و"الحرب على التطرف والإرهاب" و"حقوق المرأة المهضومة"؛ فالإسلام "رجعي" والزمن تغير والمتخلفة من لا تواكب التغيير فتتعرى وتسترجل وتتخلى عن أهلها وزوجها وأمومتها وعن أسرتها وتتمرد على أحكام الإسلام لأنه "يضطهد المرأة" وأن المجتمع المسلم "مجتمع ذكوري"!! والحقيقة أن ثروات المسلمين تُنهب وسياسة الغرب هي إفقارهم وانتهاك أعراضهم وتنغيص حياتهم بإبعادهم عن دينهم، ويعملون باجتهاد لفك ارتباطهم وضرب علاقتهم مع الله تعالى خالق الإنسان والحياة والكون عز وجل وإقصاء أحكامه الشرعية بتشويه القرآن الكريم وإقصاء سنة رسول الله ﷺ، ليعجزوا عن تسيير أمور دنياهم وفق الأحكام الشرعية السمحة لتتوافق عقيدتهم وحياتهم في الدنيا وتكون حياة إسلامية فيفوزوا برضا الله تعالى والجنة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في الآخرة، وهدفهم من ذلك أن ينتشر بين أبناء وبنات المسلمين الكفر فيكفروا كما كفروا ويشركوا ويلحدوا وينتحروا وتتفسخ مجتمعاتهم وتتفسخ أسرهم وتموت أجيالهم بهدم أساس الحصن الحصين للمجتمعات البشرية؛ المرأة! قال تعالى في سورة النساء: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً﴾.

 

فالإجرام والضرب والإهانة والتهميش والضياع نتيجة حتمية للعيش على مبدأ الكفر الذي يبيع الأوهام ويستغل الإنسان في مصالح مادية تحققها الطغمة الحاكمة وطغمة رجال الأعمال، وبكل بجاحة يهين الغربيون الرأسماليون دعاة الحريات والفواحش المرأة الغربية ويعملون لتخلع المرأة المسلمة ثوب الإسلام لتلبس ثوب استعباد المرأة بالرأسمالية الحاسدة الحاقدة، قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

وقد تتغير بعض أفكار ومفاهيم المرأة المسلمة لتتبع منهج الشيطان الغربي لكن سرعان ما تعود المرأة المسلمة إلى المطالبة بالإسلام، ويكفي أن تقرأ قصص "السيداويات التائبات" عن انخراطهن في الجمعيات النسوية المشبوهة التي انتشرت على يد الأنظمة الجبرية التي تطبق الدساتير والقوانين والمعاهدات والمواثيق الغربية "الدولية" و"العالمية" على المسلمين مقابل الحفاظ على كراسي الحكم وخدمة لأسيادهم، كاتفاقية "سيداو" (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي لا تتحدث عن مشاكل المرأة الحياتية الحقيقية كمنع ورفض السياسات الرأسمالية التي تسببت في المجاعات المفتعلة والحروب المصطنعة في بلاد المسلمين ليستحوذ الغرب ويحتكر الثروات النفطية والمعادن النفيسة والأراضي لصالح الاستعمار والعملاء واستثماراتهم الرأسمالية وسباق التسليح والمتاجرة بالمرأة والطفل من قِبل القوات الأممية والاغتصاب والدعارة والتشرد والطلاق والهجر والاغتراب والقيام بدور الرجل للعمل وكسب الرزق وتربية أيتامها ولجوئها للتسول لتحصيل لقمة العيش وصعوبة الحياة والحرب على المياه التي تسببت بعطش المرأة والرجل والغلاء الفاحش للسلع الأساسية! لا يناقشون هذه المصائب التي تسبب فيها الحكم بالمبدأ الرأسمالي الذي وضعه أقذر البشر وحثالة المجتمعات البشرية - الغرب الكافر المستعمر - بل يختزلون جرائمهم ضد المرأة فيما يزعمون أنها المشكلة؛ "مساواة المرأة بالرجل" لتتحول إلى شماعة للحرب على الإسلام وعلى المرأة!

 

هكذا يتلاعب الكفار وأذنابهم بعقول المسلمين والمسلمات بشتى الأساليب، إعلامياً وثقافياً وقانونياً، وينشرون الرذيلة والكفر في مناهج التعليم ويتحكمون بأدق تفاصيل شؤون الناس الخاصة كأفراد ومجتمع ليبقى أعداء الإسلام هم السادة وهم أصحاب اليد العليا للسيطرة على العالم لتدميره وللانحدار بالبشرية إلى أسفل سافلين! كل ذلك لتعطيل الإسلام وتعطيل تطبيق شرع الله تعالى وإبعاد المنهج الرباني عن الوجود وبالتالي تعطيل عيش الإنسان حياة إسلامية راقية ومرفهة ومطمئنة وسعيدة وآمنة بتطبيق الأحكام الشرعية في الدولة والحكم، وهذا الخير ينتشر ليعم جميع البشر كما كان من قبل.

 

ويعلم الناس حول العالم - مسلمون وغير مسلمين - أن الإسلام قد كرم المرأة بسترها وبجعل الرجل - إن كان والدها أو زوجها أو جارها أو من أقربائها - جعله قواماً عليها، بل وفرض على الخليفة حاكم المسلمين ورأس الدولة أن يقوم برعاية شؤونها وأن يحميها وأن يحرك جيشه من أجلها، فالإسلام قد جعل المرأة عِرضاً يجب أن يُصان؛ هذا المفهوم - مفهوم احترام المرأة وتقديرها وتكريمها وتسهيل حياتها لأداء دورها الأساسي في تربية الأجيال وفقاً للشرع وضمان استمرارية رعايتها من قِبل الرجل والمجتمع والدولة كما فرض الله تعالى عليه ذلك وأوصى به سيدنا رسول الله ﷺ يعمل على تقوية صلتها مع خالقها عز وجل - هذه المفاهيم: العفة والكرامة والرعاية والاحترام والمودة والسكن هي مفاهيم معدومة عند الكفار!

 

وعلى ذلك يكون قانون الكفر في بنود "سيداو":

 

المادة (1) تنص على التماثل والتطابق التام بين الرجل والمرأة وإلغاء الفروق بينهما.

 

المادة (5) وتنص على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة (الجندرة).

 

المادة (16) مطالبة الدول أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجهٍ خاصٍ أن تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة في عقد الزواج ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، ونفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال.

 

وذلك في مخالفة صريحة لأحكام شرعية في الإسلام والهدف "تحرير" المرأة المسلمة من "قيود" الإسلام واستغلالها جنسياً واقتصادياً كالمرأة الغربية، وتسهيل الانحلال في المجتمعات المسلمة وضمان تفكيك الأسرة المسلمة، فالمادة تعني:

 

أ) إبطال منع المسلمة من الزواج بغير المسلم.

 

ب) إلغاء تعدد الزوجات، من باب التساوي بين الرجل والمرأة.

 

ج) إلغاء العدة الشرعية للمرأة في حالتي الطلاق ووفاة الزوج لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد طلاق أو وفاة زوجته.

 

د) إلغاء مبدأ الولاية على المرأة لتتساوى مع الرجل، وهذا مخالفٌ لما قررته السنة النبوية من إثبات الولاية على المرأة التي لم يسبق لها الزواج.

 

هـ) إلغاء مبدأ قوامة الرجل على المرأة.

 

إذاً على المرأة المسلمة الخروج من بيتها للعمل وأيضا تحمّل أعباء الأسرة والتنافس في المجتمع مع الرجال والتعب والكد تماماً كالزوج الذي أصبح غير مُلزم برعايتها وهي غير ملزمة بطاعته ليصبح مجرد "طرطور في البيت!" ليتخلى تدريجياً عن مسؤولياته الشرعية كرب للأسرة وهي تترك تربية أطفالها وأمومتها وتصبح متمردة تخرج وقت تشاء وتصاحب من تشاء. ومنهن من تقرر قضاء حياتها بدون زواج لأنها لا تريد التقيد برجل... كل ذلك لتحقيق استقلاليتها عن الرجل ومساواتها به لتزعم أنها حرة وأنها نالت حقوقها! مما جعل حياة المرأة وحياة أسرتها عذاباً ويجعلها حياة غير طبيعية، فارتفعت معدلات الطلاق والعنوسة وارتفعت معدلات العنف ضد المرأة متمثلاً في تحميلها ما لا طاقة لها به بينما أهملت واجباتها الأساسية.

 

فالله سبحانه وتعالى خلق زوجين؛ الذكر والأنثى، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ [سورة النجم: 46]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾ [سورة آل عمران: 35-36]، وقال تعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ [سورة الأحزاب: 35]. فللمرأة دور وللرجل دور مختلف حددهما الله تعالى خالق المرأة وخالق الرجل. ويضمن النظام للمرأة القيام بدورها على أكمل وجه في بيئة مناسبة لا يزعجها فيها أحد، فأجاز الشرع للمرأة الخروج للعمل بضوابط شرعية وهيأ لها الأوضاع بأن تعمل بين النساء وفصل عنها الرجال لتجتمع بهم فقط وفقاً لهذه الضوابط، ووفر الإسلام للمرأة الأمن والأمان ووقاها شر الجرائم التي تصبح أمراً صعباً وليس مُستَسهَلاً كما هو الآن، كما سترها الإسلام بانفصال الجنسين ومنع الاختلاط والخلوة، ستر عورات الرجل وعورات المرأة بدلاً من عرضها على الملأ العام كما في بلاد الغرب! كما للمرأة الحق شرعاً في عدم الخروج للعمل وعلى الرجل كامل نفقتها وعلى الدولة توفير كافة احتياجات الرجل والمرأة الأساسية.

 

وإذا،ً ووفقاً لقوانين رب العالمين تجد أن الدولة الإسلامية ستضع القوانين وفقاً لهذه الأحكام الشرعية:

 

"المادة 1 - العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية."

 

"المادة 112: الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان."

 

"المادة 113: الأصل أن ينفصل الرجال عن النساء ولا يجتمعون إلا لحـاجـة يـقـرهـا الشـرع، ويـقـر الاجـتـمـاع من أجلها كالحج والبيع."

 

"المادة 119 - يمنع كل من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، أو فساد في المجتمع."

 

"المادة 114: تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق في أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود

 

والمعاملات. وأن تملك كل أنواع الملك. وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها."

 

"المادة 117: المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة. ففي الحياة العامة يجوز أن تعيش مع النساء والرجال المحارم والرجال الأجانب على أن لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها، غير متبرجة ولا متبذّلة. وأما في الحياة الخاصة فلا يجوز أن تعيش إلا مع النساء أو مع محارمها ولا يجوز أن تعيش مع الرجال الأجانب. وفي كلتا الحياتين تتقيد بجميع أحكام الشرع."

 

"المادة 120: الحياة الزوجية حياة اطمئنان، وعشرة الزوجين عشرة صحبة. وقوامة الزوج على الزوجة قوامة رعاية لا قوامة حكم وقد فرضت عليها الطاعة، وفرض عليه نفقتها حسب المعروف لمثلها."

 

"المادة 121: يتعاون الزوجان في القيام بأعمال البيت تعاوناً تاماً، وعلى الزوج أن يقوم بجميع الأعمال التي يقام بها خارج البيت، وعلى الزوجة أن تقوم بجميع الأعمال التي يقام بها داخل البيت حسب استطاعتها. وعليه أن يحضر لها خداماً بالقدر الذي يكفي لقضاء الحاجات التي لا تستطيع القيام بها."

 

"المادة 122: كفالة الصغار واجب على المرأة وحق لها سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة ما دام الصغير محتاجاً إلى هذه الكفالة. فإن استغنى عنها ينظر، فإن كانت الحاضنة والولي مسلمين خُـيِّرَ الصغير في الإقامة مع من يريد فمن يختاره له أن ينضم إليه سواء أكان الرجل أم المرأة، ولا فرق في الصغير بين أن يكون ذكراً أو أنثى. أما إن كان أحدهما غير مسلم فلا يخير بينهما بل يُضم إلى المسلم منهما."

 

"المادة 125 - يجب أن يُضْمَنَ إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً وأن يُضْمَنَ تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع."

 

 (هذه بعض مواد الدستور الذي أعده حزب التحرير من أصل 191 مادة بشرحها وبأدلتها التفصيلية، وكلها منبثقة من العقيدة الإسلامية ولا يوجد فيها أي شيء غير إسلامي، وهي جاهزة للتطبيق الفوري).

 

وهكذا نكون قد بينا أن الدعوات لتحرير المرأة ما هي إلا حرب شرسة على الإسلام والمسلمين عامة وبخاصة على الأسرة المسلمة، وما الهدف من ذلك إلا تعطيل عمل الأمة الإسلامية التي تتلمس طريقها لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستطيح بأصنام الرأسمالية القذرة وستطبق الإسلام كاملاً من جديد ليتحقق عملياً حفظ حقوق المرأة والرجل بجملة من التّشريعات والقوانين والحدود الشرعية والتي يتحقق بها بقاء الإنسانية على الفطرة السليمة وتصحيح مسار العالم، فالناظر لتاريخ العالم يجد أن الناس قد عاشوا مرفهين ينعمون بالكرامة والعدل في ظل الإسلام ولم يكن بين المرأة والرجل إلا الخير والازدهار.

 

قال الله تعالى في سورة الروم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

 

الجزء الأول

تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات

"حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.