الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ح11) عمر رضي الله عنه يتفقد أحوال الرعية

بسم الله الرحمن الرحيم

 


مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(ح11) عمر رضي الله عنه يتفقد أحوال الرعية

 


الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الكِتَابْ، وَمُجْرِي السَّحَابْ، وَهَازِمِ الأَحْزَابِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الأَلْبَابْ، وَعَلَى وَزِيرَيهِ: أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقْ، مَنْ لِدَعْوَةِ الحَقِّ استَجَابْ، وَالفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ، الحَاكِمِ بِالعَدْلِ، وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابْ، ارزُقنَا الَّلهُمَّ خَلِيفَةً مِثْلَهُ، يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَتَرْضَى عَنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابْ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَتِهِمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ يَا وَهَابْ... آمِينَ.


أيها المؤمنون:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"مَنَاقِبُ ثَانِي الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه". وَمَعَ الحَلْقَةِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد أحوال الرعية". نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ:

 

كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَتَفَقَّدُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ، فَكَانَ يَرَاهُ إِذَا صَلَّى الفَجْرَ يَخْرُجُ مِنَ المسْجِدِ إِلَى ضَاحِيَةٍ مِنْ ضَوَاحِي المدِينَةِ كُلَّ يَومٍ؛ فَيَتَسَاءَلُ: مَا لَهُ يَخرُجُ؟ ثُمَّ تَبِعَهُ مَرَّةً مِنَ المرَّاتِ، فَأَتَى فَإِذَا هُوَ قَدْ دَخَلَ خَيمَةً مُنْزَوِيَةً، فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ بَعْدَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، فَإِذَا فِي الخيمَةِ عَجُوزٌ حَسِيرَةٌ، كَسِيرَةٌ، عَمْيَاءُ، مَعَهَا طِفْلَانِ لهَا، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ رضي الله عنه: يَا أَمَةَ اللهِ، مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا عَجُوزٌ كَسِيرَةٌ، عَمْيَاءُ فِي هَذِهِ الخَيمَةِ، مَاتَ أَبُونَا، وَمَعِي بَنَاتٌ لَا عَائِلَ لَنَا إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ! قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَمَنْ هَذَا الشَّيخُ الَّذِي يَأتِيكُمْ؟ قَالَتْ: هَذَا شَيخٌ لَا أَعْرِفُهُ، يَأْتِينِي كُلَّ يَومٍ، فَيَكْنُسُ بَيتَنَا، وَيَصْنَعُ لَنَا فُطُورَنَا، وَيَحْلِبُ لَنَا شِيَاهَنَا، فَبَكَى عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَالَ: "أَتْعَبْتَ الخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ!!". وَيَدُورُ الزَّمانُ دَورَتَهُ، وَيُصْبِحُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه الخَلِيفَةَ الثَّانِي لِلمُسلِمِينَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، فَيَكُونُ خَيرَ خَلَفٍ لِخَيرِ سَلَفٍ. لَقَدْ كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه يُنَادِي زَوجَتَهُ يَا بِنْتَ الأَكْرَمِينَ، فَكَانَ يُكْرِمُهَا، وَيُكْرِمُ أَهْلَهَا، وَفِي إِحْدَى اللَّيَالِي كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه يَدُورُ حَولَ المدِينَةِ؛ لِيَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ الرَّعِيَّةِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الخَلِيفَةُ الأَوَّلُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، فَرَأَى خَيمَةً لَم يَرَهَا مِنْ قَبلُ، فَأَقْبَلَ نَحْوَهَا مُتَسَائِلًا مَا خَبَرُهَا. فَسَمِعَ أَنِينًا يَصْدُرُ مِنَ الخَيمَةِ، فَازْدَادَ هَمُّهُ. ثُمَّ نَادَى فَخَرَجَ مِنهَا رَجُلٌ. فَقَالَ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ إِحْدَى القُرَى مِنَ البَادِيَةِ، وَقَدْ أَصَابَتْنَا الحَاجَةُ، فَجِئْتُ أَنَا وَأَهْلِي نَطْلُبُ رِفْدَ عُمَرَ. فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ عُمَرَ يَرْفِدُ، وَيُرَاعِي الرَّعِيَّةَ. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَمَا هَذَا الأَنِينُ؟ قَالَ: هَذِهِ زَوْجَتِي تَتَوَجَّعُ مِنْ أَلَمِ الوِلَادَةِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَهَلْ عِنْدَكُمْ مَنْ يَتَوَلَّى رِعَايَتَهَا وَتَولِيدَهَا؟ قَالَ: لَا!! أَنَا وَهِيَ فَقَطْ. فَقَالَ عُمَرُ: وَهَلْ عِنْدَكَ نَفَقَةٌ لِإِطْعَامِهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: انتَظِرْ أَنَا سَآتِي لَكَ بِالنَّفَقَةِ، وَبِمَنْ يُوَلِّدُهَا. وَذَهَبَ سَيِّدُنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى بَيتِهِ، وَكَانَ فِيهِ زَوجَتُهُ سَيِّدَتُنَا أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ- فَنَادَى: يَا ابْنَةَ الأَكرَمِينَ! هَلْ لَكِ فِي خَيرٍ سَاقَهُ اللهُ لَكِ؟ فَقَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: هُنَاكَ مِسْكِينَةٌ فَقِيرَةٌ تَتَأَلَّمُ مِنَ الوِلَادَةِ فِي طَرَفِ المدِينَةِ. فَقَالَتْ: هَلْ تُرِيدُ أَنْ أَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِي؟ فَقَالَ: قُومِي يَا ابنَةَ الأَكْرَمِينَ، وَأَعِدِّيْ مَا تَحْتَاجُهُ المرأَةُ لِلوِلَادَةِ. وَقَامَ هُوَ بِأَخذِ طَعَامٍ، وَلَوَازِمِ الطَّبْخِ، وَحَمَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَذَهَبَا. وَصَلَا إِلَى الخَيمَةِ، وَدَخَلَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ؛ لِتَتَوَلَّى عَمَلِيَّةَ الوِلَادَةِ، وَجَلَسَ سَيِّدُنَا عُمَرُ مَعَ الرَّجُلِ خَارِجَ الخَيمَةِ؛ لِيُعِدَّ لَهُمُ الطَّعَامَ. أَخَذَتْ أَمُّ كُلْثُومٍ مِنَ الخَيمَةِ تُنَادِي: يَا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ، أَخبِرِ الرَّجُلَ أَنَّ اللهَ قَدْ أَكْرَمَهُ بِوَلَدٍ، وَأَنَّ زَوجَتَهُ بِخَيرٍ. عِنْدَمَا سَمِعَ الرَّجُلُ نِدَاءَهَا بـِ: "يَا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ" تَرَاجَعَ إِلَى الخَلْفِ مُنْدَهِشًا، فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي سَخَّرَ نَفْسَهُ فِي خِدْمَتِهِمْ هُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَضَحِكَ سَيِّدُنا عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَالَ لَهُ: اقْتَرِبْ.. نَعَمْ، أَنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وَالَّتِي وَلَّدَتْ زَوجَتَكَ هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ ابنَةُ عَلِيٍّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ- فَخَرَّ الرَّجُلُ بَاكِيًا، وَهُوَ يَقُولُ: آلُ بَيِتِ النُّبُوَّةِ يُوَلِّدُونَ زَوجَتِي؟ وَأَمِيرُ المؤْمِنِينَ يَطْبُخُ لِي، وَلِزَوجَتِي؟ فَقَالَ عُمَرُ: خُذْ هَذَا، وَسَآتِيكَ بِالنَّفَقَةِ مَا بَقِيتَ عِنْدَنَا. هَذَا هُوَ المنْهَاجُ الَّذِي أَخَذَهُ الخُلَفَاءُ مِنْ مَدْرَسَةِ النُّبُوَّةِ وَمُعَلِّمِهَا الأَوَّلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَمَا كَانَتْ رِفْعَةُ سِيِّدِنَا عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه بِمُجَرَّدِ صَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَقِيَامٍ، وَلَا فُتُوحَاتٍ فَتَحَهَا فِي الأَرْضِ فَحَسْبْ.. بَلْ بالإضافة إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ لِعُمَرَ رضي الله عنه قَلْبٌ خَاضِعٌ، خَاشِعٌ، مُتَوَاضِعٌ، مُنِيبٌ، وَأَوَّابٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى، يُقِيمُ العَدْلَ، وَالحَقَّ فِي الأَرضِ، وَيُحَاسِبُ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحَاسِبَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ.


أيها المؤمنون:


نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ: محمد أحمد النادي

 

آخر تعديل علىالجمعة, 23 نيسان/ابريل 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع