الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه  (ح7) ترشيح كبار الصحابة عمر رضي الله عنه للخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم

 


مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(ح7) ترشيح كبار الصحابة عمر رضي الله عنه للخلافة

 


الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الكِتَابْ، وَمُجْرِي السَّحَابْ، وَهَازِمِ الأَحْزَابِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الأَلْبَابْ، وَعَلَى وَزِيرَيهِ: أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقْ، مَنْ لِدَعْوَةِ الحَقِّ استَجَابْ، وَالفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ، الحَاكِمِ بِالعَدْلِ، وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابْ، ارزُقنَا الَّلهُمَّ خَلِيفَةً مِثْلَهُ، يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَتَرْضَى عَنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابْ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَتِهِمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ يَا وَهَابْ... آمِينَ.


أيها المؤمنون:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "مَنَاقِبُ ثَانِي الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه". وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّابِعَةِ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "تَرْشِيحُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ عُمَرَ رضي الله عنه لِلْخِلَافَةِ". نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ:


وَلَمَّا أَرَادَ الصِّدِّيقُ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَخْتَارَ المسْلِمُونَ خَلِيفَتَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ دُونَ قَيدٍ، وَبِإِرَادَتِهِمُ الحُرَّةِ بِلَا تَدَخُّلٍ، قَالَ لَهُمْ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ المرَضِ: "إِنِّي قَدْ نَزَلَ بِي مَا تَرَونَ، وَلَا أَظُنُّنِي إِلَّا مَيِّتًا لِمَا بِي مِنَ المرَضِ، وَقَدْ أَطْلَقَ اللهُ أَيمَانَكُمْ مِن بَيعَتِي، وَحَلَّ عَنْكُمْ عُقْدَتِي، وَرَدَّ عَلَيكُمْ أَمْرَكُمْ، فَأَمِّرُوا عَلَيكُمْ مَنْ أَحْبَبْتُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنْ أَمَّرْتُمْ فِي حَيَاةٍ مِنِّي، كَانَ أَجْدَرَ أَلَّا تَخْتَلِفُوا بَعْدِي". لَكِنَّهُمْ طَلَبُوا مِنهُ أَنْ يُرَشِّحَ لَهُمْ مَنْ يَرَاهُ أَهْلًا لِتَوَلِّي الخِلَافَةَ بَعْدَهُ، وَأَقْدَرَ عَلَى تَحَمُّلِ تَبِعَاتِهَا الجِسَامِ، فَقَبِلَ ذَلِكَ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ مُهْلَةً حَتَّى يَنْظُرَ للهِ وَلِدِينِهِ وَلِعِبَادِهِ، وَبَعْدَ تَفْكِيرٍ عَمِيقٍ، وَاستِشَارَةٍ لِكِبَارِ الصَّحَابَةِ مِثْلِ: عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِ بنِ أَبي طَالِبٍ، وَعَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوفٍ، استَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه.


وَلَمْ يَكُنْ تَرشِيحُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ لِلخِلَافَةِ، وَتَزكِيَتُهُمْ لَهُ، بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ غَرِيبًا، أَوْ مُفَاجَأَةً، فَهُمْ يَعْرِفُونَ قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ، وَقَدْ سَبَقَ تَقُدِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ؛ لِيَؤُمَّ النَّاسَ فِي الصَّلَاةِ، وَرَفْضُهُ أَنْ يَقُومَ بِهَذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَلَمَّا تَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ يَومًا عَنِ الصَّلَاةِ، قَدَّمَ بِلَالٌ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ اجْتِهَادًا مِنهُ؛ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَلَمَّا سَمِعَ الرَّسُولُ عُمَرَ يُقِيمُ الصَّلَاةَ رَفَضَ ذَلِكَ، وَقَالَ: أَينَ أَبُو بَكْر؟ يَأْبَى اللهُ ذَلِكَ وَالمسْلِمُونَ.


وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ التِّلْقَائِيَّ مِنْ بِلَالٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه هُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه.


وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَى تَرشِيحِ عُمَرَ لِلْخِلَافَةِ إِلَّا عَدَدٌ قَلِيلٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِغِلْظَتِهِ، وَشِدَّتِهِ، لَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ طَمْأَنَهُمْ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ مَا يَجِدُونَهُ مِنْ شِدَّتِهِ، إِنَّمَا هُوَ للهِ، وَفِي اللهِ، وَإِنَّهُ يَشْتَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَرَانِي أَحْيَانًا لَيِّنًا، حَتَّى يُحْدِثَ نَوعًا مِنَ التَّعَادُلِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَفْضَى الأَمْرُ - أَيِ الخِلَافَةُ - إِلَيهِ لَتَرَكَ كَثِيرًا مِمَّا هُوَ فِيهِ.


وَلَا يُقَلِّلُ هَذَا الاعْتِرَاضُ مِنْ سَدَادِ رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ فِي عُمَرَ، وَلَا مِنْ شَأْنِ عُمَرَ نَفْسِهِ، بَلْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى حُرِّيَّةِ الرَّأْيِ تِجَاهَ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي سَتَلِي أَمْرِ الخِلَافَةِ، فَلَنْ يُضِيرَ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ نَفَرًا مِنْ ذَوِي الرَّأيِ لَمْ يُؤَيِّدُوا تَرْشِيحَهُ، بَلْ يَكْفِيهِ أَنَّ أَغْلَبَ الصَّحَابَةِ أَجْمَعُوا عَلَى تَزكِيَتِهِ، وَرَضُوا بِهِ لِهَذَا المنْصِبِ الجَلِيلِ، وَهَذَا مَا تَسِيرُ عَلَيهِ الآنَ الأُمَمُ الحُرَّةُ فِي اخْتِيَارِ حُكَّامِهَا، فَالإِجْمَاع لَيسَ شَرطًا ضَرُورِيًا فِي اخْتِيَارِ الحَاكِمِ.


اطْمَأَنَّتْ نَفْسُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه بَعْدَ أَنِ اسْتَشَارَ كِبَارَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم إِلَى اخْتِيَارِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه خَلِيفَةً مِنْ بَعْدِهِ، فَأَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَقَالَ: أَتَرْضَونَ بِمَنْ أَسْتَخْلِفُ عَلَيكُمْ؟ فَإِنِّي وَاللهِ مَا آلَوتُ مِنْ جُهْدِ الرَّأيِ، وَلَا وَلَّيتُ ذَا قُربَةٍ، وَإِنِّي قَدْ وَلَّيتُ عَلَيكُمْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، فَاسمَعُوا لَهُ، وَأَطِيعُوا فَقَالُوا: سَمِعْنَا، وَأَطَعْنَا.


أيها المؤمنون:


نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ: محمد أحمد النادي

آخر تعديل علىالإثنين, 19 نيسان/ابريل 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع