الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

 على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")

 جواب سؤال

 علة الحكم

إلى أبو نزار الشامي

 

السؤال:

 

السلام عليكم، بارك الله بك،

 

سؤال شيخنا: هل يستنبط من ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ علة للحكم؟

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

إن الآية الكريمة هي الحكمة من فرض الجلباب وليست علة الحكم وإليك البيان:

 

1- كما ذكرنا في جواب السؤال 2018/7/10 فإن سبب نزول الآية كان لتتميز الحرائر عن الإماء، فالإماء لم يفرض عليهن الجلباب، وكان بعض المنافقين يتعرض للإماء بكلام على غير سواء وهو يرى أن العقوبة على مغازلة الإماء خفيفة ليست كالحرائر، فعندما يُسمَعُ منه ذلك موجَّهاً للحرة ويُرفع للقضاء يقول كنت أظنها أمة حتى تُخفَّف عنه العقوبة... فنزلت الآية الكريمة تقطع عليهم هذا العذر ففرضت على المؤمنات الحرائر أن يتميزن عن الإماء بلبس الجلباب فترخيه إلى أسفل القدمين ومن ثم لا يستطيع أولئك أن يقولوا كنا نظنها أمة فلا تخفف عنهم العقوبة لأنه لا حجة لهم... أخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي مالك قال كان نساء النبي r يخرجن بالليل لحاجتهن وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذَين فقيل ذلك للمنافقين فقالوا إنما نفعله بالإماء فنزلت هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾.

 

وعليه فإن معنى الآية هو معرفة الحرة من الأمة، وإرخاء الجلباب هو لهذه المعرفة ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾... أي ليس لتعرف أنها فلانة، جاء في تفسير القرطبي (14/ 244): (قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ أَيِ الْحَرَائِرُ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ... فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ).

 

2- هناك فرق بين العلة والحكمة، فالعلة هي الباعث على التشريع، وهي تستفاد من النص - كما بينا سابقا -. إلا أن هناك نصوصا يظهر فيها معنى العلية حسب أدوات التعليل المستعملة أو التركيب، غير أن قرائن أخرى سواء في النص أو في غيره تعطل معنى التعليل وتفيد معنى آخر هو غاية الشارع التي يهدف إليها من التشريع وليس الدافع لتشريعها. وقد اصطلح على تسمية هذه الغاية أو النتيجة التي تبين مقصود الشارع من الحكم "حكمة" وليس علة لأنها ليست الباعث على التشريع.

 

فالعلة يدور معها المعلول وجوداً وعدماً ولا يتخلف أما الحكمة فليست كذلك، فمثلاً:

 

- ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ[الحج: 28]..

 

- ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات: 56].

 

- ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ[العنكبوت: 45].

 

فصيغ النصوص السابقة مع قرائنها سواء من النصّ نفسه أو غيره تبين عدم إفادة العلية بمعنى الباعث على التشريع لأنها لو كانت كذلك لما تخلفت، فالعلة لا يتخلف الحكم عنها، فهو يدور معها وجوداً وعدماً لأنه شرع لأجلها، وإنما الحكمة قد تتحقق في حالات ولا تتحقق في حالات أخرى أي قد تتخلف أحياناً:

 

- ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ[الحج: 28].. وكثيرون يحجون ولا يشهدون.

 

- ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات: 56].. وكثيرون من الخلق لا يعبدون الله.

 

- ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ[العنكبوت: 45]... وهناك من يصلي ولا ينتهي.

 

ولذلك يقال عن مثل ما سبق (حكمة) وليس (علة) لأن الحكم قد يتخلف، وهكذا جميع ما صحّ أن يقال عنه حكمة.

 

3- والآن نتدبر الآية الكريمة موضوع السؤال:

 

أ- الحكم الشرعي آت من: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59]، فهذا هو الدليل.

 

ب- واضح أن ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب: 59] ليست هي الباعث على التشريع، أي ليست هي الدليل على فرض الجلباب، ومن ثم ليست علة، بل هي النتيجة التي تترتب على الجلباب، أي هي غاية الشارع التي يهدف إليها.

 

ج- وهذه النتيجة قد تتخلف، فتلبس الحرة الجلباب ولا يوجد إماء لتتميز عنهن حتى لا تؤذى...

 

د- وهكذا تكون ﴿ذَلِكَ أَدْنَى﴾ [الأحزاب: 59] حكمة في الاصطلاح الأصولي وليست علة.

 

هذا ما أراه والله أعلم وأحكم.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

07 جمادى الأولى 1440هـ

الموافق 2019/01/13م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

 رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على غوغل بلس

 رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع