السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

[نص الكلمة التي ألقيت في الوقفة الجماهيرية التي نظمها حزب التحرير في مدينة الخليل والتي حذر فيها من مخطط خبيث لضرب المدينة واتهم فيها السلطة الفلسطينية بالتواطؤ!]

 


بسم الله الرحمن الرحيم

 


الحمد لله القائل: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ‌وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: 42-43]


والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، خاطب الناس يوم الحج الأكبر فقال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ ‌حَرَامٌ ‌عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا كَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» رواه الحاكم في المستدرك.


أيها الأهل في خليل الرحمن:


إن هذه البلدة المباركة تذوق اليوم لباس الخوف، خوف يحمله إليها نفر أو رهط من أبنائها لا يتقون الله تعالى، ولا يقيمون وزناً لحرمة دماء المسلمين أو أموالهم، يهتكون الأستار ويقطعون الأرحام، فيطلقون النار على العم والخال وبيوت البنات والأخوات والخالات والعمات حتى انطبق عليهم قول الله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا ‌أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 22-23]


أيها الأهل في خليل الرحمن:


نحن اليوم نقف لتُصحَّح الموازين ولنرى الأمور على حقيقتها، ولنتخذ المواقف وإياكم التي ترضي الله وتذهب عنا رجس الشيطان.


والسؤال الذي بحاجة إلى إجابة، هل السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية جادة في إنهاء حالة الفلتان هذه أم أنها توفر الغطاء للمجرمين؟


إن السلطة تركت أعمال الحرق وإطلاق النار تحصل رغم قدرتها على منعها، وتحركت بالقدر الذي تخدع به الناس وتوهمهم أنها تحاول منع ما يحدث، فالذين يطلقون النار ويحرقون المحال والبيوت والسيارات معروفون للناس بأسمائهم وأماكن سكنهم، والأجهزة الأمنية بمخابراتها ومندوبيها تعرفهم جيداً، فكيف يُتركون طلقاء لا يعتقلون ولا يحاسبون، وإن اعتقلوا يخرجون بعد يوم أو أيام؟! بل إن كثيرا من هؤلاء المعتدين الآثمين إما من رجال السلطة أو ممن لهم غطاء من رجالها، فهل يوجد تفسير لهذا غير تواطؤ السلطة فيما يحدث ويقع في البلد؟!


ولو كانت السلطة جادة في وقف هذه الجرائم للاحقت المجرمين والمعتدين كما كانت ولا زالت تفعل تجاه من يحمل السلاح ويستخدمه ضد كيان يهود، فهي تلاحقه وتطارده وتنسق مع الاحتلال حتى لو ذهب إلى شعب الجبال تطارده، فالسلطة وأجهزتها الأمنية لا ترى السلاح الذي يهدد الناس في أمنهم وأرواحهم وممتلكاتهم، وتظهر أمامه بصورة العاجز، أما السلاح الذي يوجه ضد يهود فنراها تستنفر كل قواها لمصادرته والتنكيل بمن يحمله، فهل من تفسير لهذا غير أنها متواطئة على إحراق البلد؟


إن السلطة اليوم تخدعكم وتخادعكم، فالمجرمون يعملون تحت سمعها وبصرها، وتراخيها في الأخذ على أيديهم يجعلها متآمرة وضالعة في حرق كل بيت وإتلاف كل مال وتخويف كل آمن.


أيها الناس:


إن معظم ميزانية السلطة تذهب للأجهزة الأمنية، تلك الميزانية التي لا تراعي وضع الناس المعيشي وغلاء الأسعار، فتوسع جبايتها للضريبة وأخذها المكوس من الناس والتي تقدر بأربعة مليارات دولار هذا العام خاصة من هذه المحافظة، محافظة الخليل التي تعتبرها السلطة الخزينة المليئة التي تسطو عليها ليلا ونهارا، ولكنها في المقابل لا تقدم للناس الحد الأدنى من الأمن ولا الحد الأدنى من الخدمات والرعاية، فلا أقامت مدرسة ولا بنت مستشفى ولا عمرت مسجدا، ولا أدت خدمة ترتقي إلى مستوى النظر، فأين تذهب هذه الأموال وأين هذه الأموال من حماية أهل هذا البلد؟!


أيها الأهل في بلد نبي الله إبراهيم:


إن أعمال القتل والحرق والتخريب والترويع أعمال محرمة وهي من العصبية الجاهلية، وعلى العائلات أن تنكرها وتتبرأ منها وأن ترفع الغطاء عن مرتكبيها.


وتلك الأعمال، فوق أنها مخالفة للشرع، فهي توظف وتغذى لمخططات أكبر من العشائر وخلافاتها، ونحن نقول هذا الكلام ونعني كل حرف فيه، لذلك نحذر العائلات أشد التحذير من أولئك الذين يستغلون مشاعر العصبية بين أبناء العائلات لدفعهم إلى انتهاك الحرمات والوقوع في الدم الحرام، وجعلهم مطية لكوارث على المدينة لا يتصورونها ولا يدركون حجم خطرها وعظم خبثها وشرها، ونقول للعائلات إن هناك من يتخذون من الغطاء العائلي وسيلة لهم لتمزيق العائلات وكسر شوكتها وتنفيذ مخططات تُملى عليهم، وهؤلاء يستغلون بشكل قذر وبشع المخالفات الشرعية والجرائم التي يقع فيها بعض الأفراد في العائلات لجعلهم يسيرون في تلك المخططات من حيث لا يشعرون.


أيها الأهل في خليل الرحمن:


إن مواقفكم القوية ضد مشاريع أعداء الإسلام قد أغاظت عدوكم،


فأنتم من حافظتم على وقف تميم ومنعتم تمليك جزء منه للمسكوب، ومنعتم تسريبه للمستوطنين، فأثرتم بوتين وأغضبتم كيان يهود وفضحتم السلطة وتآمرها.


وأنتم من شاركتم في الدفاع عن أموال العمال ومنعتم السلطة من سرقتها تحت مسمى قانون الضمان الاجتماعي.


وأنتم من وقفتم في وجه أمريكا وأوروبا وجمعياتها التخريبية واتفاقيتهم القذرة، اتفاقية سيداو ومنعتم تطبيقها.


فمواقفكم القوية والمضيئة جعلت السلطة ومَن وراءها يضيقون ذرعا بأهل هذا البلد، فكان هذا التوظيف الخبيث للخلافات العائلية ومن قبله نشر الفساد والانحلال الأخلاقي، ويضاف إليه عمل منظم لخلايا سوداء تعمل في الخفاء على الإفساد والإسقاط أملا منهم في إسقاط المدينة وجعلها عاجزة عن التصدي لمشاريع أعداء الإسلام.


وفوق هذا فإنكم تعرفون أطماع اليهود في هذا البلد، والقاصي والداني يعلم أن جهاز الشاباك هو من يدير الجريمة في البلدات العربية المحتلة عام 48، فماذا كان يفعل مدير الشاباك قبل أيام في رام الله؟


يا أهلنا وأحبتنا في بلد خليل الرحمن:


إنا نوصيكم بتقوى الله العظيم، ونذكركم الله في إيمانكم، نذكركم بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ ‌مَا ‌اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ [الأحزاب: 58]


نحذركم يوما تشخص فيه القلوب والأبصار بين يدي الله الجبار، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ ‌مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾ [طه: 74-75]


ننهاكم عما نهاكم عنه رسول الله ﷺ «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَاناً الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، ‌كُلُّ ‌الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ».


فاتقوا الله ودعوا عنكم دعوة الجاهلية، اتقوا الله وكونوا عباد الله إخوانا، وإن تنازعتم في شيء فحسبكم قول الله تعالى ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ‌فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: 59]


أيها الأهل في خليل الرحمن:


إن الخطر عظيم والنار التي يراد إشعالها ستطال الجميع وإننا نحذركم أن تكونوا حطباً لها.


فما يحدث اليوم ليس خلافاً عابراً ولا مشكلة عادية، ففوتوا الفرصة على أعدائكم وأصلحوا ذات بينكم قبل أن يتسع الخلاف ويتعمق وعندها ولات حين مندم.


وفي الختام:


إننا في كل حادثة ندفع ثمن غياب حكم الله، ندفعه من أعراضنا وأبنائنا وأرضنا وأمننا وأموالنا، ثمنا أصاب العقول والقلوب والعفة والبنات والأبناء، ولو أن حكم الله أقيم فينا ما مُسّ دم ولا ضُيِّع مال ولا خافت ظعينة ولا رُوِّع طفل ولا قطعت رحم.


فسارعوا لإقامة حكم الله فيكم حتى تنهوا ما أصابكم وتفرحوا بنصر الله تعالى ﴿وَيَوْمَئِذٍ ‌يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم: 4-5]


اللهم ألف بين قلوب المسلمين، وألق عليهم محبة منك، وانشر عليهم من رحمتك، وعمهم بفضلك، وأسبغ عليهم من عنايتك، أعذهم من وساوس الشيطان، واكفهم كيد المنافقين والفجار، واجعل لهم من لدنك سلطانا نصيرا.


اللهم عليك بمن آذانا وحمل السلاح علينا، وانتهك حرماتنا، اللهم اكفنا شره بقدرتك وارزقنا من حسن التوكل عليك ما تعيننا به على إقامة دينك ورفع شأن دعوتك ورد عدوان المعتدين.


اللهم إن القائمين على هذه السلطة قد خانوا دينك وخانوا عبادك، اللهم إنا نبرأ إليك منهم ومن شرورهم، اللهم إنه لا يخفى عليك حالنا وحالهم فأمدنا بنصرك وأيدنا بملائكتك وروح قدسك واشف صدورنا بعز تعز به أولياءك وذلا تذل به أعداءك...


وصل اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين والحمد لله رب العالمين.

 

التاريخ الهجري :15 من ربيع الثاني 1443هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2021م

حزب التحرير
الأرض المباركة فلسطين

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع