Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كيانٌ هزيلٌ، ونظامٌ فاشلٌ، وزمرة فاسدين... إنه لبنان!!!

 

 

ليلة الجمعة 2019/10/18 خرج الناس إلى الشوارع بالآلاف، في العاصمة بيروت، وفي شمال لبنان، وجنوبه، وتطور الأمر إلى مواجهاتٍ بين الناس والقوى الأمنية في ساحة رياض الصلح في بيروت، وتعالت هتافات الناس بإسقاط النظام، في تعبيرٍ عن سخطهم على ما تبقى من هذا النظام المتهلهل، وخاصةً بعد حالة الاستهتار التي ظهرت في إعلان الحكومة يوم الخميس 2019/10/17 موافقتها على حزمة ضرائب جديدة، طالت حتى وسائل التواصل (الاجتماعي)، والتي هي مجانيةٌ من مصدرها!

لكن يأبى الفاسدون، أصحاب عقلية الجباية لا الرعاية، في هذا الكيان إلا التضييق، بل خنق الناس، ونهب القروش المتبقية في جيوبهم... فوق ما أصاب الليرة اللبنانية من هزالٍ بسبب السياسات المالية الكاذبة، التي تزعم استقراراً نقدياً، بينما يتغافل المصرف وحاكمه عن هبوط الليرة مقابل الدولار في الأسواق، فيما يبدو سياسةً ممنهجةً متقصدةً من أجل:

 

-     سحب العملة الصعبة، وخاصة الدولار من الأسواق، لسداد ديون هذا الكيان من جيوب الناس...

 

-     تغطية سلسلة الرتب والرواتب التي كانت السلطة أقرتها لأغراض سياسية انتخابية في حينه، وحين تورطت في الأمر، وجدت أذهان الفاسدين الحل في إضعاف الليرة أمام الدولار في الأسواق، مما يُكسب المصرف المركزي مزيداً من العملة الصعبة من فروق سعر الصرف...

 

-     تخفيف هامش عبء تثبيت الليرة أمام الدولار على المصرف المركزي، حتى لو أدى ذلك لإضعاف القوة الشرائية للمال بين أيدي الناس فيما لو استمر الأمر أكثر من ذلك...

 

لتكون كل المحصلة من هذا ملء خزانة الدولة بالدولارات، ولو أدى ذلك لإفقار الناس، وجعل العملة بين أيديهم ذات قوةٍ شرائيةٍ هزيلةٍ، هذا عِلاوةً على تشجيع المصرف المركزي على رفع الربا "سعر الفائدة" على الليرة بشكل كبير وصل لحد 13% مما يدفع المستثمر لوضع أمواله في البنوك بدل المخاطرة في الأسواق بأرباحٍ ضئيلةٍ، الأمر الذي عطل الأسواق والتجارة بشكلٍ بات لا يخفى على أحد!

 

أيها الناس، لقد خرجتم اليوم معبرين عن إرادتكم وعمق ألمكم، وإننا ننبهكم كما نبهنا كل الثائرين الذين ثاروا على الظلم في البلاد من حولكم، ننبهكم إلى بعض المخاطر، حذارِ أن تقعوا فيها:

 

-     خطر محاولة أرباب الفساد ركوب موجتكم وقيادتها، وتصديق وعودهم الكلامية الكاذبة، الوسط السياسي الفاسد نقصد.

-     خطر إفساد تحرككم المطلبي بشبيحة النظام وأزلامه والمنتفعين منه، أحزاب النظام نقصد.

-     خطر المماطلة والتسويف الذي تتبعه الحكومات لقتل أي تحرك، كل الحكومات السابقة واللاحقة نقصد.

 

ونشدُّ نظركم إلى أن أس الفساد الحقيقي يكمن في:

 

-     الطائفية المذهبية المقيتة التي تتحكم في البلاد والعباد، وتمنع محاربة الفساد والتي يجب أن يكون تحرككم فرصةً مواتيةً لنبذها.

 

-     أن مشكلة لبنان هي مشكلةٌ كيانيةٌ، أي في طبيعة وجوده وتركيبه، لذا يجب أن يكون التغيير على مستوى جوهر الكيان، ووجوده بهذا الشكل، باعتباره منفصلاً عن محيطه الطبيعي، بلاد الإسلام والمسلمين، فهو تغيير جذري وليس شكلياً.

 

-     النظام الاقتصادي المتبع في هذا الكيان، هو النظام ذاته الذي أثبت فشله في دياره، وما زال يولد الأزمة تلو الأزمة، النظام الرأسمالي، باعتبار الربا أساساً فيه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾، ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾...

 

-     ما أنتجه هذا النظام الرأسمالي من خضوع السياسيين، بل حتى تحولهم وأحزابهم إلى جهاتٍ خدماتية لصالح المصارف والشركات...

 

-     أن البلد وعلى مر سنين تطبيق هذا النظام صار رهيناً للسياسات المالية للعملات الأجنبية ولا سيما الدولار، عملة الدولة السيدة في لبنان!!!

 

فإن أنتم تنبهتم لهذه المخاطر، وعرفتم أس الفساد الحقيقي، حميتم تحرككم من أن يستغله فجار السياسة في هذا البلد، وفتحتم الباب لوسطٍ سياسيٍّ من بينكم يمثلكم، ويمثل تطلعاتكم المشروعة، بالكرامة والأمن.

 

ومع إدراكنا أن المشكلة هي في أس الكيان وتكوينه، لكن لو صدق أرباب السياسة في هذا البلد، لكن هيهات هيهات، لقاموا بسلسلة إجراءاتٍ من مثل:

-     وقف دفع الربا للمصارف، وإعادة رؤوس أموالهم.

-     فصل العملة عن الدولار وغيره من العملات الأجنبية، واعتماد قاعدة الذهب والفضة كغطاء للعملة، مما يوقف التضخم.

-     التوقف عن اعتماد السياسة الضريبية كحلٍ لكل أزمة، الأمر الذي يثقل كاهل الأفراد وأصحاب الأعمال.

-     الاعتماد على أسسٍ اقتصاديةٍ صحيحةٍ قائمةٍ على الصناعة والزراعة، وليس على كثرة الواردات على حساب الصادرات، التي سببت عجز الميزان التجاري.

 

لكن دولةً سياسيوها هم تجارها، وهم ملاك مصارفها، ويعتبرون البلاد والعباد مزرعةً لهم ولأبنائهم، لا يهمهم اتخاذ أية إجراءات تهدد وجودهم ومصالحهم!!!

 

لذا، فإن حزب التحرير/ ولاية لبنان، وفي هذا المقام، يذكركم بمشروعه السياسي، المشروع الوحيد الذي ينقذ لبنان، بل والعالم، من حمأة ووحل هذه الأنظمة العميلة الفاسدة حتى النخاع، مشروعه القائم على أساس إيجاد كيانٍ تنفيذيٍّ يطبق أحكام الإسلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تحافظ على الأهداف العليا الثابتة لصيانة المجتمع، في حفظ نوع الإنسان، وعقله، وكرامته الإنسانية، ونفسه، وملكيته، ودينه وأمنه، والدولة التي ترعاه... في دولةٍ تنظم شؤون الناس كلها حسب أوامر الله ونواهيه، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي عاش في كنفها كل الناس مسلمين وغير مسلمين، فما وجدوا إلا الطمأنينة والأمن والسكينة، لأنه نظامٌ من عند رب السماوات والأرض، الله رب العالمين ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :19 من صـفر الخير 1441هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 18 تشرين الأول/أكتوبر 2019م

حزب التحرير
ولاية لبنان

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.