الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الموازنة الجديدة في الأردن إفقارٌ للناس

وجريمةٌ سياسيةٌ تؤكد عمالة النظام وتبعيته للدول الاستعمارية

 

قدّمت الحكومة الأردنية مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2019م إلى مجلس النواب، وانتقد النواب في مناقشاتهم الأولية مشروع الموازنة لعدم ملامسته الواقع وابتعاده عن معالجة الأوضاع الصعبة التي يعاني منها أهل الأردن، حيث قام على أساس رفع الضرائب لتخفيض العجز المالي، وقد أحال مجلس النواب مشروع الموازنة إلى لجنته المالية لمناقشته بشكل تفصيلي.

 

إن مشروع الموازنة للعام 2019م لا يقل سوءاً عن سلسلة الموازنات العبثية التي قدمتها الحكومات المتعاقبة، وما تمخضت عنه من نتائج مدمرة ماثلة لكل ذي بصر وبصيرة، وقد تكرر الحديث عن سوئها وعجزها وفسادها، وصرحت به بعض الأوساط الاقتصادية والسياسية، وفي المقابل يتكرر مع نهاية كل عام مشهد أبواق في مجلس النواب يرضون الناس بأفواههم، ولكنهم يقرون الموازنة عند التصويت رغم سوئها وفسادها متذرعين بأعذار العاجزين المتخاذلين أو متواطئين مع النظام وحكومته!

 

إن موازنة 2019م تُبيّن أن الناس هم الذين سيمولون الحكومة بنسبة تبلغ 93% من خلال الإيرادات الضريبية ورسوم الخدمات، وتتبجح الحكومة بغباء وعلى لسان وزير المالية أن الإيرادات تسجل نمواً عن مستواها المعاد تقديره لعام 2018م بنحو 1035 مليون دينار، نتيجة زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 723 مليون دينار، أي أنها ستأكل بالباطل ما يزيد عن المليار دينار في العام القادم من أموال الناس، علاوة عما جبته في عام 2018م عن طريق قانون الضريبة الجديد الذي فرضه صندوق النقد الدولي على الحكومة وأقرَّه مجلس النواب! أما القول بأن عجز الموازنة بلغ بعد المنح الخارجية في عام 2019م نحو 646 مليون دينار، فهو تلاعب بالأرقام وقول مزيف إذ يُتوقع أن يتجاوز العجز هذا الرقم كثيراً إذا ما انخفضت المنح الخارجية الموعودة، إضافة إلى تراجع المشاريع الاقتصادية الاستثمارية وانحسار النمو الاقتصادي لأقل من 2%، ويأتي هذا مع تصاعد نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي من 80% عام 2012م، إلى 95 % عام 2018م حيث بلغ الدين العام بحسب ما قاله وزير المالية 28.4 مليار دينار أي ما يقدر بـ 40 مليار دولار، وتدفع الحكومة تحت بند النفقات كما ورد في مشروع الموازنة مبلغ 1.03 مليار دينار خدمة هذا الدين دون أصل الدين أي الربا المحرم شرعاً، وبالتالي زيادة في عجز الموازنة، كما أن القروض الدولية غير متاحة للحكومة إلا بعد الإذعان لإملاءات صندوق النقد، فالقرض الياباني الأخير يقبع دون تسليم بانتظار مراجعة الصندوق التي تأخرت رغم الموافقة على قانون جباية ضريبة الدخل الجديد الذي اشترط الصندوق موافقة مجلس النواب عليه بحسب ما جاء على لسان نائب رئيس الوزراء، فأي ذل وارتهان هذا الذي وصل إليه النظام وأوصل إليه الأمة نتيجة القروض الدولية الاستعمارية وآثارها المدمرة للبلاد؟!

 

أما مخرجات هذه السياسة المالية وهذه الموازنات العقيمة فقد أصبحت ماثلة أمام أفراد الأمة وعامة الناس ولا تحتاج لجهد وعناء لتبيّن المدى المزري الذي وصل إليه أهل البلد من الانحدار وشظف العيش والبؤس وسوء الرعاية، فاستشرى الفقر وعم الفساد فضلا عن التقصير الكبير في توفير الحاجات الأساسية والخدمات الضرورية للمجتمع من تعليم وصحة وأمن وطرق...الخ، علاوة على البطالة التي وصلت إلى 18% وهي في ارتفاع، وانخفاض في النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة التضخم. أما الثروات التي ينعم بها الأردن والتي هي ملكية عامة للناس فقد أضحت منهوبة مهدورة أو تقبع دفينة تحت الأرض لأسباب سياسية واستعمارية، ناهيك عن بيع مشاريع الملكيات العامة الناجحة للأجنبي مثل مؤسسات الإسمنت والبوتاس والمنغنيز والفوسفات والموانئ والمطارات بأثمان بخسة مما حَرَمَ الأمة من جزء مهم من إيراداتها.

 

يا أهلنا في الأردن:

 

إن استسلام النظام للدول الاستعمارية وخضوعه لسياسات صندوق النقد، سيقود البلاد إلى دمار حقيقي وكارثة كبرى، وهذا يوجب على المخلصين العمل على إنقاذ البلاد والتنبه لما يُحاك ويُدبر للأردن وأهله، وإنقاذ البلاد من هذه المصائب والأزمات يوجب الوقوف على أسبابها؛ إن حالة التردي الاقتصادي التي أصابت البلاد سببها ارتهان الأردن للدول الاستعمارية وقراراتها، فالنظام الأردني نشأ بقرار سياسي من الدول الاستعمارية وخصوصاً بريطانيا إثر اتفاقية سايكس-بيكو، فسلخته عن محيطه الإسلامي كجزء من الأمة الإسلامية، وربطته برباط محكم بالغرب "الكافر المستعمر" ونظامه الرأسمالي، وأمدته بسبل الحياة عن طريق المساعدات والمنح والقروض، ومنعته من إيجاد اقتصاد حقيقي يقوم على موارد حقيقية من صناعة وزراعة وتعدين واستغلالٍ لثرواته، بل وجعلته حارساً لكيان يهود الذي يحتل المسجد الأقصى ويدمر الحجر والشجر والبشر في الأرض المباركة فلسطين، فأضحى الأردن ضعيفاً رهينة للدول الغربية يخدم مصالحها وينفذ سياساتها.

 

والموازنة عمل سياسي، وهي تكشف عن العقيدة السياسية التي تنتهجها الدولة وتكشف عن النظام الاقتصادي الذي تتبناه، والموازنات التي أقرها النظام في الأردن قائمة على النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يُفرز بشكل طبيعي الفساد والاستغلال وتكديس الثروة بيد حفنة من الرأسماليين الكبار المتنفذين الذين يعيشون على امتصاص دماء الشعوب، وسيبقى الأردن وأهله في شقاء وضنك عيش ما دام هذا النظام رهينة للدول الاستعمارية ونظامها الرأسمالي العفن.

 

أيها المسلمون:

 

إن الخروج من هذه الدوامة الدائرية للعجز والدَيْن والفقر لا يكون إلا بالعودة للإسلام وأخذ المعالجات من أحكامه، فتصبح إيرادات الدولة ونفقاتها بحسب الأحكام الشرعية، وهذا يوجب جعل السياسة المالية والاقتصادية وفق أحكام النظام الاقتصادي في الإسلام، والانعتاق من السياسة الاقتصادية الرأسمالية بكل أفكارها وأدواتها، من ربا محرم، وقروض إذعانية، وضرائب جبائية، وكذلك قطع العلاقة مع صندوق النقد والبنك الدوليين وكافة أدوات الهيمنة الرأسمالية العالمية، هذا هو طريق الخلاص وإنقاذ البلاد، وهذا ما يدعوكم إليه حزب التحرير، يدعوكم إلى الحق وإلى صراط مستقيم، يدعوكم لما يُحييكم ويُنجيكم من عذاب أليم، يدعوكم لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي بها يحيا المسلمون حياة طيبة ويعيشون عيشاً كريما، وبالخلافة وحدها ستتفجر طاقات الأمة وتتصدر العالم وتملؤه قسطاً وعدلاً وخيراً... إلى هذا الخير ندعوكم أيها المسلمون فهل أنتم مجيبون؟

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ

 

التاريخ الهجري :19 من ربيع الثاني 1440هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 26 كانون الأول/ديسمبر 2018م

حزب التحرير
ولاية الأردن

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع