الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 (سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")


جواب سؤال: خلاف الأولى


إلى Numan Abo Ali

 

 

 

 

السؤال:


السلام عليكم، هل تعتبر مخالفة الرسول للأولى من الاجتهاد أم هي أمر آخر، أرجو التوضيح وبارك الله بكم وسدد خطاكم وأيدكم بنصره.

 

 

الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،


لعلك في سؤالك تشير إلى ما جاء في الشخصية الجزء الأول من أن الرسول ﷺ لا يجوز في حقه الاجتهاد وإنما يجوز أن يفعل خلاف الأولى، ومن ثم سألت عن الفرق بين الاجتهاد وخلاف الأولى.


للإجابة على هذا السؤال لا بد من معرفة واقع "الاجتهاد" وواقع "المخالفة للأولى"...


أولاً:


الاجتهاد في اللغة هو استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور مستلزم للكلفة والمشقة. وأما في اصطلاح الأصوليين فمخصوص باستفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يُحس من النفس العجز عن المزيد فيه.


وهذا يعني أن الحكم الشرعي في المسألة لا يكون معروفاً للمجتهد ومن ثم يجتهد ليعرف الحكم الشرعي فيها، فيبذل الجهد في فهم واقع المسألة ويستقصي الأدلة الشرعية المتعلقة بها، ويستفرغ الوسع في دراستها ويستنبط منها رأياً يغلب على ظنه أنه الحكم الشرعي في المسألة.


والاجتهاد بهذا المعنى لا يصح في حق النبي ﷺ وذلك للآيات الصريحة التي تدل على حصر جميع ما يبلغه الرسول ﷺ بأنه عن الوحي: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾، ﴿إنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ وهذا يعني أن الرسول ﷺ يبلغ الأحكام الشرعية عن الوحي وليس اجتهاداً منه ﷺ.


وكذلك فإن المجتهد معرض للخطأ، فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد. كما جاء في حديث رسول الله ﷺ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ» أخرجه البخاري ومسلم. والرسول ﷺ معصوم عن الخطأ في الشرع، وعليه فلا يجوز في حقه ﷺ الاجتهاد مطلقاً.

لأن الاجتهاد فيه الخطأ والصواب، في حين أن كل ما يبلغه الرسول ﷺ من الأحكام بقوله أو فعله أو سكوته هو وحي من الله تعالى ليس غير.


ثم إن الرسول ﷺ كان ينتظر الوحي في كثير من الأحكام مع الحاجة الماسة لبيان حكم الله فلو جاز له الاجتهاد لمَا أخر الحكم بل يجتهد، وبما أنه كان يؤخر الحكم حتى ينـزل الوحي فدل على أنه لم يجتهد، ودل على أنه لا يجوز له الاجتهاد، إذ لو جاز لما أخر الحكم مع الحاجة إليه.


وعليه فكل ما جاء من رسول الله ﷺ هو بالوحي وليس باجتهاد من رسول الله ﷺ.


ثانياً:


أما خلاف الأَوْلى فمعناه أن يكون الحكم الشرعي معروفاً وإنما ورد "مباحاً"، ولكن بعض أعماله أولى من بعضها. أو أن يكون الحكم الشرعي "مندوباً" ولكن بعض أعماله أولى من بعضها.


فمباح للمرء أن يسكن المدن أو أن يسكن القرى، ولكن سكنى المدن أولى من سكنى القرى لمن يعاني أمور الحكم ومحاسبة الحكام، فإذا سكن القرى فعل خلاف الأولى.


وإعطاء الصدقة سراً وجهراً أمر مندوب ولكن إعطاءها سراً أولى من إعطائها جهراً، فإذا أعطاها علناً فعل خلاف الأولى.


وبهذا المعنى لخلاف الأولى فإن الرسول ﷺ يجوز عليه أن يقوم بما هو خلاف الأولى. وقد قام بما هو خلاف الأولى فعلاً فعاتبه الله على ذلك بقوله سبحانه وتعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ فإنها لا تدل على اجتهاد، لأنّ الحكم بأنه يجوز للرسول ﷺ أن يأذن لمن يشاء، قد جاء قبل نزول هذه الآية، فقد جاء في سورة النور قال تعالى: ﴿فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ﴾ وقد نزلت هذه السورة بعد سورة الحشر في معركة الخندق، وآية: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ جاءت في سورة التوبة، ونزلت في شأن غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، فالحكم كان معروفاً وآية النور صريحة تدل على أنه يجوز للرسول ﷺ أن يأذن لهم.


ولكن في تلك الحادثة التي نزلت فيها آية التوبة وهي غزوة تبوك وتجهيز جيش العسرة كان الأولى أن لا يأذن الرسول ﷺ للمنافقين في التخلف. فلما أذن لهم في تلك الحادثة بالذات عاتبه الله على ذلك الفعل، أي عاتبه على القيام بما هو خلاف الأولى. وليست الآية تصحيحاً لاجتهاد، ولا تشريعاً لحكم يخالف حكماً كان الرسول ﷺ قد اجتهد فيه في الحادثة نفسها، وإنما هو عتاب على ما هو خلاف الأولى.


ثالثاً:


وبناء عليه فإنه لا يجوز في حق الرسـول ﷺ أن يكون مجتهداً، وإنما هو وحي يوحى له من الله تعالى، وهذا الوحي إما باللفظ والمعنى وهو القرآن الكريم، وإما بالمعنى فقط ويعبر عنه الرسول ﷺ إما بلفظ من عنده، أو بسكوته إشارة للحكم، أو بفعله الفعل وذلك كله هو السنة.


وهكذا يتبين الفرق بين الاجتهاد وبين خلاف الأولى، وأنه لا يجوز في حق الرسول ﷺ الاجتهاد لأنه ﷺ معصوم عن الخطأ، ولكن يجوز منه ﷺ فعل خلاف الأولى لأن فعل خلاف الأولى ليس خطأ.

 

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع