الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")‏


أجوبة أسئلة حول:‏
رهن المبيع على ثمنه


إلى عزالدين ابن عبد السلام
وإلى نضال نزال

 

 

 

الأسئلة:‏


سؤال عزالدين ابن عبد السلام:‏


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الكريم أتمنى أن تصلك رسالتي هذه وشخصكم الكريم بتمام الصحة ‏والعافية... أما بعد، أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي الذي سأصوغه على الشكل الآتي، يذهب مشترٍ لبائع ليشتري ‏منه بيتاً أو قطعة أرض، ويكون البيع بالتقسيط على دفعات يتفقون عليها، فيأخذ المشتري البيت أو قطعة ‏الأرض، ولكنه لا يملكها ملكية تامة إلا عند آخر دفعة من القسط، فالمشتري يجري تقريبا كل التصرفات على ما ‏اشترى إلا البيع، فهو لا يقدر مثلا بيع ما اشترى إلا عند آخر قسط، والسؤال هنا "يتوجه الناس إلى شباب ‏الحزب يسألونهم عن هذه المعاملة لثقتهم بالشباب، فيكون جواب الشباب مختلفا بين مانع ومجيز على النحو ‏الآتي، فالمجيزون، يجيزون البيع محتجين بإدخال الرهن بالموضوع، أي أن يكون العقد عقد رهن، أو يجيزون ‏من باب "العقود المعلقة". أما المانعون فيحتجون بأن البيع بالعاجل أو الآجل يجب فيه كامل التخلية، على اعتبار ‏أن الملكية الفردية "حكم شرعي مقدر بالعين أو المنفعة يقتضي تمكين من يضاف إليه من انتفاعة بالشيء وأخذ ‏العوض عنه"، ولأهمية الموضوع يا شيخنا الكريم في معاملة الناس والسؤال المتكرر لنا نرفع لشخصكم الكريم ‏هذا الإشكال وبارك الله فيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

 


سؤال نضال نزال:‏


السلام عليكم، أرجو بيان حكم الشرع في المسألة التالية: هل يجوز لي شراء سيارة من شخص على أقساط ‏واشترط البائع عدم تسجيل السيارة باسمي والتنازل عنها إلا بعد تسديد آخر قسط، مع العلم أن السيارة أصبحت ‏بحوزتي وأستعملها. هل يجوز ذلك؟ بارك الله فيكم.‏

 

الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 


إن سؤال الأخ عز الدين والأخ نضال، هما سؤالان متشابهان في موضوع واحد، ولذلك فالجواب لهما معاً:‏

 


إن هذه المسألة معروفة في الفقه بمسمى (رهن المبيع على ثمنه)، أي أن يبقى المبيع مرهوناً عند البائع إلى ‏أن يسدد المشتري الثمن. وهذه المسألة لا تظهر إذا كان البائع والمشتري كما قال رسول الله ‏ﷺ‏ في الحديث الذي ‏أخرجه البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا ‏اقْتَضَى» لكنهما أحياناً يختلفان حول استلام السلعة أولاً أو دفع الثمن أولاً، وقد يعمد البائع بعد عقد البيع إلى ‏حبس البضاعة أي رهنها عنده حتى يسدد الثمن، ومن ثم تنشأ هذه المسألة، وهذه مختلف فيها بين الفقهاء، فمنهم ‏من يجيزها بشروط، ومنهم من لا يجيزها، وهناك آخرون يجيزونها في حالة ولا يجيزونها في أخرى... وغير ‏ذلك.‏

 


والذي أرجحه بعد دراسة هذه المسألة هو على النحو التالي:‏

 


أولاً: نوع المبيع:‏

 


‏1- أن يكون المبيع مكيلاً أو موزوناً أو مذروعاً... إلخ، كبيع الأرز أو بيع القطن أو بيع الأقمشة...إلخ

 


‏2- أن يكون المبيع غير مكيل أو موزون...إلخ، كبيع سيارة أو بيع دار أو بيع حيوان...إلخ

 


ثانياً: ثمن المبيع:‏

 


‏1- أن يكون حالاً أي نقداً كأن تشتري السلعة بعشرة آلاف نقداً تدفع حالاً.‏

 


‏2- أن يكون مؤجلاً لمدة كأن تشتري السلعة بعشرة آلاف تدفعها بعد سنة.‏

 


‏3- أن يكون جزء منه معجلاً، وجزء منه مؤجلاً، كأن تشتري السلعة فتدفع دفعة أولى خمسة آلاف، وتدفع ‏الخمسة الأخرى بعد سنة مثلاً أو تقسطها على أقساط شهرية...‏

 

 


ثالثاً: يختلف الحكم الشرعي باختلاف الأمور المذكورة أعلاه:‏

 


الحالة الأولى: المبيع غير مكيل وغير موزون... أي مثل بيع دار أو سيارة أو حيوان...:‏

 


‏1- الثمن نقداً، أي تشتري سيارة بعشرة آلاف نقداً، وأن يكون هذا مثبتاً في العقد.‏

 


في هذه الحالة يجوز للبائع أن يحبس البضاعة، أي أن تبقى مرهونة لديه حتى يُدفع الثمن العاجل وفق العقد. ‏والدليل على ذلك الحديث الشريف الذي أخرجه الترمذي وقال عنه "حديث حسن" عن أبي أمامة قَالَ: سَمِعْتُ ‏النَّبِيَّ ‏ﷺ‏ يَقُولُ فِي الخُطْبَةِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ» الزعيم: الكفيل، ‏غارم: ضامن، ووجه الاستدلال في الحديث هو في قوله ‏ﷺ‏ «وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ» فإن المشتري إذا استلم السلعة قبل ‏أن يدفع الثمن فيكون قد اشتراها ديناً، و"الدين مقضي"، أي الأولوية لقضاء الدين ما دام الشراء كان نقداً، ‏وبعبارة أخرى أن يدفع الثمن أولاً ما دام الثمن في العقد نقداً حالا... يقول الكاساني في بدائع الصنائع تعليقاً على ‏الحديث (قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الدَّيْنُ مَقْضِيٌّ»، وَصَفَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الدَّيْنَ بِكَوْنِهِ مَقْضِيًّا ‏عَامًّا أَوْ مُطْلَقًا فَلَوْ تَأَخَّرَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لَمْ يَكُنْ هَذَا الدَّيْنُ مَقْضِيًّا، وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ.).‏

 


وعليه فيجوز للبائع أن يحبس المبيع عنده إلى أن يدفع المشتري الثمن، وبذلك فلا يكون هناك دين، وهذا ‏يوافق العقد لأن البيع لم يكن بالدين بل كان بثمن نقدي.‏

 


‏2- أن يكون الثمن مؤجلاً، كأن تشتري سيارة بعشرة آلاف تسددها بعد سنة، ففي هذه الحالة لا يجوز حبس ‏البضاعة إلى أن يتم تسديد الثمن لأن الثمن مؤجل حسب العقد بموافقة البائع، فلا يجوز له أن يحبس البضاعة ‏لضمان ثمنها ما دام هو قد باعها بثمن مؤجل، فأسقط حق نفسه بحبس البضاعة، ولذلك فلا يجوز له حبس ‏البضاعة بل يسلمها للمشتري.‏

 


‏3- أن يكون الثمن معجلاً ومؤجلاً، كأن تشتري السيارة بدفعة أولى خمسة آلاف تدفعها نقداً حالاً، والخمسة ‏آلاف الأخرى تدفعها بعد سنة مرة واحدة، أو تدفعها أقساطاً في أوقات آجلة.‏

 


ففي هذه الحالة يجوز للبائع حبس البضاعة إلى أن تسدد الدفعة العاجلة، وبعد ذلك فلا يجوز له حبس ‏البضاعة لاستيفاء الدفعات المؤجلة، وذلك لما ذكرناه في البندين 1-2.‏

 


والخلاصة أنه يجوز للبائع ارتهان البضاعة على ثمنها العاجل، أي إذا كان عقد البيع بثمن عاجل يدفع ‏حالاً، فإنه يجوز للبائع أن يحبس البضاعة عنده إلى أن يدفع المشتري الثمن العاجل وفق عقد البيع.‏

 


وكذلك يجوز للبائع أن يحبس البضاعة عنده إلى أن يدفع المشتري الدفعة المعجلة وفق عقد البيع.‏

 


ولا يقال هنا كيف يرهن المشتري بضاعته قبل قبضها، أي قبل أن يمتلكها؟ وذلك لأن الرهن لا يجوز إلا ‏في ما يجوز بيعه، وحيث إن السلعة المشتراة لا يجوز بيعها إلا بعد قبضها استناداً إلى حديث رسول الله ‏ﷺ‏ الذي ‏رواه البيهقي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ‏ﷺ‏ لعتاب بن أسيد: «إني قد بعثتك إلى أهل الله، وأهل مكة، ‏فانههم عن بيع ما لم يقبضوا». والحديث الذي رواه الطبراني عن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَبِيعُ ‏بُيُوعًا كَثِيرَةً، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: «لَا تَبِيعَنَّ مَا لَمْ تَقْبِضْ»، فهذه الأحاديث صريحة في النهي ‏عن بيع ما لم يقبضوه، فكيف إذن يرهن المبيع قبل قبضه؟

 


لا يقال ذلك لأن هذين الحديثين هما بالنسبة للمبيع المكيل والموزون... أما إذا كان المبيع من غير ذلك ‏كالدار والسيارة والحيوان... فيجوز بيعه قبل قبضه استناداً إلى حديث الرسول ‏ﷺ‏ الذي رواه البخاري عَنِ ابْنِ ‏عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ‏ﷺ‏ فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي، فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ ‏القَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ﷺ‏ لِعُمَرَ: «بِعْنِيهِ»، قَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ ‏اللَّهِ، قَالَ: «بِعْنِيهِ» فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ﷺ‏: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ» ‏وهذا تصرف في المبيع بالهبة قبل قبضه مما يدل على تمام ملك المبيع قبل قبضه، ويدل على جواز بيعه لأنه قد ‏تم ملك البائع له.‏

 


وعليه فإنه يجوز رهن المبيع قبل قبضه ما دام يجوز بيعه قبل قبضه، ولكن هذا فقط في ما إذا كان المبيع ‏من غير المكيل والموزون... كالدار والسيارة والحيوان ونحو ذلك، وفي حالة انعقاد البيع بثمن عاجل، أو في ‏حالة وجود دفعة معجلة في عقد البيع، فيجوز رهن المبيع قبل قبضه إلى أن يُدفع الثمن المعجل أو الدفعة ‏المعجلة.‏

 


الحالة الثانية: المبيع من المكيل والموزون... كشراء كميات من الأرز، أو من القطن أو كميات من ‏الأقمشة... ففي هذه الحالة لا يجوز حبس المبيع على ثمنه مهما كان واقع الثمن: حالاً عاجلاً، أو آجلاً دفعة واحدة ‏أو تقسيطاً:‏

 


فإن كان الثمن آجلاً فلا يجوز له حبس البضاعة كما بيناه أعلاه.‏

 


وإن كان الثمن عاجلاً فلا يجوز له حبس البضاعة، أي رهنها، لأنه لا يجوز رهن المكيل والموزون قبل ‏قبضه وفق حديث الرسول ‏ﷺ‏ الذي ذكرناه أعلاه. والبائع هنا في حالة البيع بالثمن العاجل بين أمرين:‏

 


إما أن يبيعه البضاعة بثمن عاجل ويسلمها له ويصبر عليه سواء أعطاه الثمن حالاً أو بعد حين دون أن ‏يرتهن البضاعة... وإما أن لا يبيع البضاعة، أي دون ارتهان للبضاعة بحال.‏

 


وعليه فإذا انعقد البيع بثمن عاجل أو آجل في حالة كون المبيع من المكيل أو الموزون، فلا يجوز للبائع أن ‏يرتهن البضاعة عنده إلى حين تسديد الثمن.‏

 


• وهذا ما أرجحه، والله أعلم وأحكم.‏

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

 

1 تعليق

  • ابو العبد
    ابو العبد السبت، 09 كانون الثاني/يناير 2016م 23:42 تعليق

    السلام عليكم جوزيتم خيرا وبوركتم
    فالجواب واضح, لكن السؤال المرتبط .... هل اذا قبض الشخص المبيع سيارة او بيتا,....دون تسجيلها او ملكيتها هل يفهم من ذلك حبس المبيع ام رهنه ......

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع