الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال: العلاقة بين أمريكا والصين

 

 

 

السؤال:

 

نشرت وسائل الإعلام أمس 16/12/2010 خبرين لافتين للنظر: الأول زيارة رئيس وزراء الصين إلى الهند مع وفد تجاري كبير (نحو 300 من رجال الأعمال)، وقد واكب الزيارة والاستقبال شيء من الدفء غير معهود. والثاني اتفاق ثلاثي بين كوريا الجنوبية والصين واليابان لإنشاء أمانة عامة بين الدول الثلاث، كل ذلك ولمَّا تبرد حرارة التوتر بين الكوريتين من حيث التهديد المتبادل بين أمريكا وكوريا الجنوبية من جانب وبين كوريا الشمالية من جانب آخر وتأييد ضمني من الصين لكوريا الشمالية. فما دلالة ما يجري؟

 

 

 

الجواب:

 

للإجابة على هذا السؤال نستعرض ما يلي:

1- منذ العقد السادس من القرن المنصرم وأمريكا تخشى من ظهور الصين كقوة عالمية، وقد سعت إلى تحجيم طموحات الصين في القضايا الإقليمية، وقد استخدمت أمريكا مجموعة متنوعة من القضايا لاحتواء نفوذ الصين في المجال الإقليمي وإبقاء قيادتها منشغلة في المشاكل الإقليمية الضيقة، وقد استغلت أمريكا باستمرار مسألة تايوان وكوريا الشمالية، وسوء معاملة الصين للأقليات وبخاصة الحكم الذاتي للتبت، وتدخلت في النزاعات الثنائية بين الصين واليابان حول الجزر المتنازع عليها بين البلدين كوسيلة لإشعال النار في محيط الصين، بالإضافة إلى ذلك فقد أحاطت أمريكا الصين بسلسلة من القواعد التي تمتد من أفغانستان وآسيا الوسطى وباكستان إلى المحيط الهادئ ومن ضمنها شبه الجزيرة الكورية واليابان...، والهدف من هذه القواعد العسكرية هو الإحاطة بالصين ومنعها من أن تبرز كقوة عسكرية.

2- وبالإضافة إلى الجهود الأمريكية للحد من التوسع العسكري للصين فقد سعت أمريكا بقوة لبناء قدرات الهند المدنية والعسكرية لمواجهة الصين، وهذه السياسة كانت تستعملها مع جميع الحكومات في الهند حتى تلك الموالية لبريطانيا وليس لها كحكومة حزب المؤتمر. قال أوباما متحدثا أمام جلسة مشتركة للبرلمان الهندي "إنني أقف أمامكم اليوم لأنني على قناعة بأنّ مصالح الولايات المتحدة والمصالح التي نتقاسمها مع الهند هي خير سبب للشراكة... الولايات المتحدة لا ترحب فقط بالهند كقوة عالمية بل نحن نؤيد ذلك بشدة، وندعم الرخاء المشترك، والحفاظ على السلام والأمن، وتعزيز الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان، وهذه هي مسؤولية القيادة، وهذه الشراكة العالمية بين الولايات المتحدة والهند يمكن أن تحدث تقدما في القرن الـ 21، ونحن الآن على استعداد لبدء تنفيذ الاتفاق النووي المدني... نحن بحاجة إلى إقامة شراكات في قطاعات التكنولوجيا المتطورة مثل الدفاع والفضاء المدني." (الولايات المتحدة تدعم الهند كقوة عالمية، على الانترنت 8 نوفمبر 2010).

ومن الجدير بالذكر أنّ الهند كانت قد أرسلت في 29 أيلول/سبتمبر 2010 أربع مجموعات من الجيش الهندي والقوات الجوية والبحرية للتدريب مع الولايات المتحدة في 31 وحدة مشاة وبحرية في قاعدة أمريكا في أوكيناوا في بحر الصين الشرقي، وقد كانت ردة فعل الصين قوية على مثل هذه المناورات العسكرية، ففي أواخر أيلول حذر الأدميرال الصيني تشو يين من أنّ "سلسلة التدريبات العسكرية التي بدأتها الولايات المتحدة مع الدول المجاورة للصين أظهرت أنّ الولايات المتحدة تريد زيادة وجودها العسكري في آسيا، والغرض من هذه التدريبات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة هو استهداف دول عدة من بينها الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وتعزيز العلاقات الإستراتيجية مع الدول الحليفة لأمريكا مثل اليابان وكوريا الجنوبية." (جلوبال تايمز 26 أيلول/سبتمبر 2010).

3- منذ بدء المحادثات السداسية عام 2003 لكبح جماح الطموحات النووية لكوريا الشمالية وأمريكا تعرض مطالب معينة، وكلما أوشكت كوريا الشمالية على الاقتراب من تلبيتها نكثت أمريكا عهدها بشأن التزاماتها، وعلاوة على ذلك فقد صورت أمريكا ببراعة كوريا الشمالية وحليفتها الرئيسية الصين بأنّهما الطرف المذنب في دوام إفشال المحادثات، فعلى سبيل المثال في عام 2007 أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرج عن 25 مليون دولار من الأموال المجمدة لكوريا الشمالية في مقابل تجميد بيونغ يانغ مفاعل يونجبيون النووي والسماح بعودة مفتشي الوكالة النووية الدولية، ومع ذلك فقد تراجعت الولايات المتحدة عن وعدها حيث أفرجت عن الأموال في وقت متأخر جدا بحيث لم تكتمل الصفقة في الوقت المحدد، وقد انسحبت كوريا الشمالية من المحادثات السداسية بسبب الإحباط نتيجة العقبات العديدة التي وضعتها الولايات المتحدة في عام 2009، وتبع ذلك توترات من طرد مفتشي الوكالة النووية الدولية والإعلان عن خطط لاستئناف تخصيب اليورانيوم والتفجير النووي تحت الأرض في مايو 2009 والاشتباك مع القوات البحرية لكوريا الجنوبية والهجوم الأخير على جزيرة كوريا الجنوبية.

4- في المقابل جاء الرد الأمريكي بنشر حاملة الطائرات والمناورات العسكرية وعقد محادثات، باستثناء الصين وكوريا الشمالية، لممارسة الضغط على الصين لاتخاذ موقف أكثر حزما ضد حليفتها كوريا الشمالية. وأشار الأدميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة في 8 كانون الأول/ديسمبر 2010 عن رغبته في أن تلعب الصين دورا أكثر فائدة حيث قال "لدى الصينيين تأثير هائل على كوريا الشمالية، ولا توجد أمة على وجه الأرض أكثر تأثيرا على كوريا الشمالية من الصين، ولكن على الرغم من المصلحة المشتركة في الحد من التوترات إلا أنها غير مستعدة لاستخدام ذلك التأثير"، ومن اللافت للنظر أنّه في أعقاب الهجوم الأخير دعت الصين بسرعة لاستئناف المحادثات السداسية، وهو ما رفضته الولايات المتحدة، وبعد ذلك وقفت الصين علنا للدفاع عن كوريا الشمالية ضد التدخل الأمريكي في المنطقة! ما يعني أن أمريكا تريد للتوتر أن تبقى حرارته مرتفعة، وإظهار الصين وكوريا الشمالية كما لو كانتا هما مصدر التوتر وبالتالي استعداء دول المنطقة عليهما. ولكن دون الوصول إلى حافة الحرب، لأن الظروف الدولية والإقليمية لا تسمح لها بذلك فهي مشغولة في العراق وأفغانستان.

5- على ضوء ذلك يمكننا القول أن تحركات الصين الحالية سواء منها ما نشرته شبكة الصين على موقعها (Arabic.china.org.cn) نقلاً عن وكالة شينخوا بتوقيع الصين واليابان وكوريا الجنوبية في 16/12/2010 اتفاقية لإقامة أمانة تعاون ثلاثية في سيئول العام القادم، أو ما نشرته وسائل إعلام متعددة ومنها هذا الموقع عن زيارة رئيس وزراء الصين للهند... كل هذه التحركات هي لإفشال مساعي أمريكا لعزل الصين عن جيرانها وإظهارها بالدولة العدوانية، فإن كوريا الجنوبية واليابان من أشد الموالين لأمريكا، اللذين يعتبر تقارب الصين منهما إفشالاً لاستغلال أمريكا لهما ضد الصين. كما أن الهند هي من الأسلحة التي كانت، ولا زالت، تستغلها أمريكا لإشعال التوتر الدائم بينها وبين الصين بإيجاد المشاكل المستمرة بينهما، فتقرب الصين من الهند هو إطفاء لشعلة التوتر التي تحاول أمريكا إيجادها بين الصين والهند.

ومن المتوقع أن تكون الصين قد سجَّلت نقطة لصالحها في مواجهة أمريكا، وذلك إذا أحسنت الصين استغلال زيارتها للهند واتفاقها مع اليابان وكوريا الجنوبية، ولم تقع في شرَك خداعٍ من اليابان وكوريا الجنوبية بدافع من أمريكا.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع