السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال

 

معنى (أجتهد برأيي) عند العلماء والمجتهدين

 


السؤال:

 


ورد في نظام الإسلام، وهذا نصه: [الثالثة: أنْ يَكونَ هناك رأيٌ يُرادُ جَمْعُ كلمةِ المسلمين عليه لِمصلحةِ المسلمين، فإنَّه في هذه الحالةِ يَجُوزُ للمجتَهِدِ تَرْكُ ما أَدَّاهُ إليه اجتهادُه، وأَخْذُ الحُكْمِ الذي يُرادُ جَمْعُ كلمةِ المسلمين عليه، وذلك كما حَصَلَ مع عثمانَ رضي الله عنه عند بيعته.] انتهى.


وورد في الشخصية الأول، وهذا نصه: (رابعتها - أن يكون هناك رأي يراد جمع كلمة المسلمين عليه لمصلحة المسلمين. فإنه في هذه الحالة يجوز للمجتهد ترك ما أدى إليه اجتهاده، وأخذ الحكم الذي يراد جمع كلمة المسلمين عليه، وذلك كما حصل مع عثمان عند بيعته. فإنه روي أن عبد الرحمن بن عوف بعد أن سأل الناس مثنى وفرادى، مجتمعين ومتفرقين، سراً وعلانية، جمع الناس في المسجد وصعد المنبر فدعا دعاء طويلاً ثم دعا علياً فأخذ بيده وقال له: هل أنت مبايعي لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وما كان يراه الخليفتان من بعده أبو بكر وعمر؟ قال علي: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله واجتهد رأيي. فأرسل يده ودعا عثمان وقال له: هل أنت مبايعي لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله، وما كان يراه الخليفتان من بعده أبو بكر وعمر؟ قال عثمان: اللهم نعم. فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان وقال ثلاثاً اللهم اسمع واشهد..).


والسؤال إنني وجدت في روايات قرأتها "ولكن عليَّ جهدي من ذلك وطاقتي"، "بمبلغ علمي وطاقتي"، فهل هي بالمعنى نفسه (أجتهد برأيي)؟ ثم إنني قرأت في رواية أخرى أن علي بن أبي طالب وافق وإنما قال (فيما استطعت) فما صحة ذلك؟


الجواب:

 


نعم، لا خلاف بين تلك العبارات عند العلماء والمجتهدين، ولتوضيح ذلك أقول:


- ورد في البداية والنهاية لابن كثير "فَقُمْ إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فقام إليه تَحْتَ الْمِنْبَرِ فَأَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا وَلَكِنْ عَلَى جُهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي..." انتهى


- ورد في تاريخ الرسل والملوك للطبري: "وَدَعَا عَلِيًّا، فَقَالَ: عَلَيْكَ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَسِيرَةِ الْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ أَفْعَلَ وَأَعْمَلَ بِمَبْلِغِ عِلْمِي وَطَاقَتِي..." انتهى


ويبدو أنك عندما قرأت مثل هذه الروايات ظننت أن "أجتهد برأيي" تختلف عن "عَلَى جُهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي"، وعن "بِمَبْلِغِ عِلْمِي وَطَاقَتِي"، غير أنها بمعنى واحد. فعلي رضي الله عنه قد ميز بين اتباع الكتاب والسنة وبين اتباع فعل أبي بكر وعمر، حيث وافق على اتباع الكتاب والسنة ولكنه استثنى فعل أبي بكر وعمر بجهده وعلمه، أي باجتهاده.


وهذا ما فهمه العلماء، فقد ورد في تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للقاضي أبي بكر الباقلاني المالكي المتوفي سنة 403هـ ما يلي:


"وَإِن قَالُوا وَكَيف يكون عقد عبد الرَّحْمَن لعُثْمَان صَحِيحا وَقد عقد لَهُ على شَرط تَقْلِيده فِي الْأَحْكَام لأبي بكر وَعمر وَمَا رُوِيَ عَنهُ من أَنه قَالَ لعَلي نُبَايِع لَك ونعقد لَك هَذَا الْأَمر على أَن تحكم بِكِتَاب الله وَسنة نبيه وَسنة الشَّيْخَيْنِ من بعده وَأَن عليا قَالَ لَيْسَ مثلي من استظهر عَلَيْهِ وَلَكِن أجتهد رَأْيِي وَأَنه عرض ذَلِك على عُثْمَان فَرضِي بِالشّرطِ وَضَمنَهُ وَعقد لَهُ عَلَيْهِ..." انتهى، فهو قد عبر بكلمة "أجتهد رأيي".


وكذلك فإن السرخسي المتوفى: 483هـ قد ذكر في أصوله هذا الفهم، فقال:


"ثمَّ عمر جعل الْأَمر شُورَى بعده بَين سِتَّة نفر فاتفقوا بِالرَّأْيِ على أَن يجْعَلُوا الْأَمر فِي التَّعْيِين إِلَى عبد الرَّحْمَن بَعْدَمَا أخرج نَفسه مِنْهَا فَعرض على عَليّ أَن يعْمل بِرَأْي أَبى بكر وَعمر فَقَالَ أعمل بِكِتَاب الله وبسنة رَسُول الله ثمَّ أجتهد رَأْيِي وَعرض على عُثْمَان هَذَا الشَّرْط أَيْضا فَرضِي بِهِ فقلده" انتهى، فهو قد عبر بكلمة "أجتهد رأيي".


ثم إنه أمر معروف مشهور حتى في معاهد الأبحاث في العصر الحديث، فقد ورد في مجلة الجامعة الإسلامية للمدينة المنورة عمادة البحث العلمي - 1423 هـ / 2002م ما يلي:


"فقد جمع عبد الرحمن بن عوف المسلمين في المسجد.. ثم نادى عليا، وكان عبد الرحمن قد فوض لاختيار الخليفة بعد أن اعتذر هو عنها، على أن يتبعه المسلمون في بيعة من يبايعه.


ووضع عبد الرحمن يده في يد علي قائلا نبايعك على أن تعمل بكتاب الله وسنة رسوله واجتهاد الشيخين - يقصد أبا بكر وعمر- فلم يوافق عليّ على اجتهاد الشيخين وقال: بل أجتهد رأيي، فدفع عبد الرحمن يده ونادى عثمان رضي الله عنه فقبل اجتهاد الشيخين وإن كان قد حدث بعد ذلك ما حدث." انتهى


ولذلك فإنه لا تعارض بين "أجتهد رأيي"، وبين "عَلَى جُهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي"، وبين "بِمَبْلِغِ عِلْمِي وَطَاقَتِي"، فكل ذلك واحد عند العلماء بما آتاهم الله من علم، فإذا عُبِّر بأي من هذه العبارات فهو صحيح، وبخاصة إذا كان الأمر في موضع استنباط الحكم من الدليل كما ذكرناه في كتبنا، ولذلك فإن رأيته مذكوراً "أجتهد رأيي" بدل "على جهدي بذلك وطاقتي" أو "بمبلغ علمي وطاقتي" فلا شيء في ذلك إذا كان في باب الاستدلال واستنباط الأحكام.


و- أما ما جاء في السؤال عن ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده، قال: "قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: كَيْفَ بَايَعْتُمْ عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ عَلِيًّا؟ قَالَ: مَا ذَنْبِي؟ قَدْ بَدَأْتُ بِعَلِيٍّ، فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَسِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: فَقَالَ: فِيمَا اسْتَطَعْتُ. قَالَ: ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَبِلَهَا" انتهى، "إسناده ضعيف، سفيان ابن وكيع ضعفه غير واحد، قال الحافظ في التقريب "سفيان بن وكيع، سقط حديثه"، وضعّفه كذلك أبو زرعة الرازي في كتابه الضعفاء ونقل عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل "سألت أبا زرعة عن سفيان بن وكيع بأنه قد قيل إنه يكذب، قال نعم". وعليه فالحديث ضعيف لا يعتمد.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع